فى لقاء مع ستيفن هيدلى مستشار الأمن القومى الأمريكى الذى حل مكان كوندوليزا رايس عند انتقالها لشغل حقيبة الخارجية الأمريكية ذكر فى نهاية سبتمبر
2005 أن الولايات المتحدة تأمل فى سقوط بشار الأسد الذى يسمح بتسرب عناصر عربية إسلامية عبر الحدود إلى العراق، وقد حذرت وقتها «هيدلي» فى واشنطن من أخطار التعرض لسوريا لأن المنطقة كلها ستصبح فى حالة غليان.. وزادت الحملة الأمريكية ثم الأوروبية على المواقف السورية بالنسبة للبنان رغم الانسحاب السورى الكامل من لبنان.. وفى اتصالات مع سوريا حرصنا على اطلاع السوريين على ما نتصوره من تدبيرات مضادة لهم، وأن عليهم الخروج الكامل من لبنان.
هذه السطور التى أوردها الصديق العزيز أحمد أبو الغيط وزير خارجية مصر الأسبق فى كتابه القيم «شهادتي» تكشف وتفسر كل ما يجرى على الساحة السورية منذ سنوات من اضطراب وعنف وفوضى واقتتال أهلى لم يكن له أن يتحقق لولا الرغبة الأمريكية فى الانتقام من سوريا لمجرد شكوك فى أن الأراضى السورية كانت منفذا لتسرب عناصر عربية وإسلامية إلى العراق لمقاتلة الأمريكيين بعد غزوهم المشئوم للعراق عام 2003... وكما رأينا فإن الذهاب لنشر الفوضى يبدأ ــ بتصعيد أمريكى سياسى وإعلامى ضد الدولة المستهدفة ويعقب ذلك ــ تلقائيا ــ تصعيد أوروبى مماثل لتهيئة الأجواء دوليا وإقليميا... وهنا تأتى مسئولية الدولة الوطنية فى عدم مجاراة التصعيد مع القوى الكبرى المتربصة والسعى لتفويت الفرصة عليهم.
وبصرف النظر عما ورد فى كتاب أبو الغيط من إشارات لا تخطئها العين حول عدم تجاوب سوريا مع النصائح المصرية المخلصة بالتوازى مع زيادة مبالغة القادة السوريين فى مشاعر الثقة بالنفس بعد فشل العدوان الإسرائيلى ضد لبنان عام 2006 رغم قلقهم فى البداية من تصرفات حزب الله وشكوكهم فى أنها لحساب المصالح الإيرانية فقط.. بصرف النظر عن كل هذا فإن المدبر لكل ماجرى فى سوريا وغيرها من دول المنطقة هو صاحب نظرية نشر الفوضى الخلاقة.. وظنى أن الخطر لم ينته بعد رغم نجاح ثورة 30 يونيو فى إخراج مصر ــ مؤقتا ــ من اللعبة العبثية التى كشفت معطياتها الأخيرة عن تغيير جديد فى قواعد وآليات تشغيلها بعد مذبحة باريس الدموية التى أكدت فقدان السيطرة على مخطط نشر الفوضى فى بلادنا وحدها..
خير الكلام :
<< من يستشر الجاهل يختار الباطل !