الوطن
حافظ أبو سعدة
حرب جديدة على الإرهاب
أعلن الرئيس الفرنسى أولاند أن فرنسا فى حالة حرب، عقب الأحداث الإرهابية التى شهدتها فرنسا فى ١٣ فبراير وذهب للبرلمان لإعلان خطة شاملة لمواجهة هذه الحالة بما فى ذلك تعديل الدستور الفرنسى، واتخاذ التدابير التى تلتزم بها الدولة قانوناً فى مثل هذه الحالات، مثل إعلان حالة الطوارئ وحظر التجول الجزئى فى بعض المناطق وقرارات سحب الجنسية ممن يشاركون فى الأعمال الإرهابية، لقد كانت الأحداث الإرهابية السبعة أثقل وطأة على الشعب والحكومة الفرنسية من حادث «شارلى إيبدو».

الإجراءات والتدابير التى تُتخذ والتى بلغت حد طلب فرنسا من الاتحاد الأوروبى الدعم العسكرى يعنى أن هناك مواجهة غير مسبوقة للحرب على الإرهاب والدليل الإضافى على أن الحرب على الإرهاب تأخذ منحى جاداً أكثر مما قبل هو إعلان الرئيس الفرنسى أيضاً أن الأولوية الآن فى سوريا هى القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وهذا تغير كبير يتوافق مع ما توصلت إليه قمة العشرين من تحديد خطة للسلام فى سوريا لا تستبعد الرئيس السورى فوراً، والتركيز على ضرب القوى الإرهابية، وقد حدث توافق دولى على هذا الرأى بين الرئيسين بوتين وأوباما.

من المهم هنا أن التركيز ليس فقط على تنظيمات الإرهاب بوضع قائمة بتلك المنظمات وأوكلت هذه المهمة للمملكة الأردنية الهاشمية فى قمة العشرين التى تمت استضافتها هى والمملكة السعودية للتشاور أيضاً فى مكافحة الإرهاب باعتبار أن منطقتنا لديها البنية الأساسية للتنظيمات الإرهابية النشطة فى العالم، بالطبع كان من الضرورى أيضاً دعوة مصر لهذا الاجتماع المهم لا سيما أن موضوع الإرهاب إحدى أولويات صانع السياسة فى مصر، بل ومصر تقود حرباً شرسة ضد الإرهاب على جبهتين فى سيناء وعلى الحدود الغربية لمصر، لكن التركيز أيضاً شمل التمويل والدعم من بعض البلدان لتلك المنظمات الإرهابية، وهنا أشار الرئيس الروسى بوتين لتورط بعض الدول فى تمويل الإرهاب ورعايته.

لن تحقق هذه الحرب الجديدة على الإرهاب أهدافها إلا بالعمل على محاور ثلاثة ليس فقط قتال المسلحين وضرب البنية الأساسية للإرهاب، فهذا محور مهم، لكن أيضاً التمويل والدعم اللوجيستى للتنظيمات الإرهابية بتوفير ملاجئ آمنة لقياداته وتوفير معسكرات للتدريب والتجنيد وتأمين الانتقال إلى البلدان التى يتم تنفيذ عمليات فيها، فضلاً عن توفير بنية أساسية للاتصال ونشر الأفكار واستهداف عناصر جديدة لضمها للتنظيم. كل هذا يشكل محاور أساسية تعزز بنية الإرهاب وتنظيماته وتمدها بعناصر القوة وهى التى مكنتها من هذا التوغل والانتشار فى دول المنطقة.

لا يمكن حسم هذه الحرب دون التصدى للدول الراعية للإرهاب وكذلك التنظيمات التى تعطى مشروعية للأعمال الإرهابية، وهنا على الأمم المتحدة أن تعمل على وضع استراتيجية تعتمد فى الأساس على قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بتجفيف منابع التمويل والتجنيد والانتقال والدعم اللوجيستى، فى هذه الحالة فإن دول العالم ستكون ملتزمة بالاشتراك فى هذه الحرب، ولا يجب أن تكون هناك معايير مزدوجة، سواء فى تعريف تنظيمات الإرهاب أو فى آليات الحرب عليها، فمنظمات الإرهاب فى سوريا هى ذاتها التى فى سيناء ونفذت عمليات فرنسا، وتنشط فى ليبيا، والحرب لا يجب أن تستثنى أى منطقة، أيضاً من المهم أن تلتزم الدول بمعايير حماية الحريات الأساسية، ولا يجب أن تكون الحرب على الإرهاب بتحقيق أهداف هذه التنظيمات فى أن نعيش فى خوف ورعب، وأن نكون فى حالة الاختيار بين الحرية والسلام والأمن، النجاح الحقيقى لهذه الحرب على الإرهاب أن نحقق الأمن، ولكن ليس على حساب الحرية، فمكافحة الإرهاب يجب أن تكون من أجل الحرية والأمان وتعزيز حقوق الإنسان.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف