المساء
مؤمن الهباء
ضد الطلاق الشفوي
في 15 أكتوبر الماضي كتبت في هذه الزاوية مقالا بعنوان ¢إلغاء الطلاق الغيابي¢ أؤيد فيه المنظمات النسائية التي تطالب بهذا الأمر ضمن تعديلات قانون الأحوال الشخصية وقلت في ذلك إن الطلاق الغيابي تصرف غير إنساني وغير حضاري في حق المرأة... ويجب علاجه بما لا يتصادم مع جوهر الشريعة الإسلامية الغراء علي قاعدة ¢لا ضرر ولا ضرار.. فالزواج الذي تم اتفاقا وإشهارا في العلن برضا وقبول الطرفين وبشهادة الشهود يجب ألا يفسخ بكلمة غيابيا من طرف واحد منفرد ليفاجأ به الطرف الآخر... كأننا نسخر منه ونعتبر وجوده كالعدم.
ثم استرسلت قائلا: ¢وفي هذا الإطار أود أن أطرح قضية لها علاقة بالموضوع.. وهي عدم الاعتداد بالطلاق الشفوي من الأساس أيا كانت صيغته.. ولا بطلاق الأيمان التي يلوكها الناس ليلا ونهارا.. ويجعلون مستقبل الأسرة ومستقبل الزوجة معلقا بلسان غالبا ما يكون منفلتا لا يرعي حرمة ولا يحفظ حقا.. الطلاق يجب ألا يقع إلا في حضور الزوجة والمأذون والشهود وفي جلسة محددة لذلك ويوثق في الدفاتر الرسمية.. فلا يقع في لحظة غضب ولا يقع بيمين يطلقه لسان منفلت في مواضيع لا علاقة لها بالزوجة ولا بالأسرة.. بالضبط مثلما لا يقع طلاق المكره.
وأضفت: وهذا الأمر يحتاج تجديداً في الفقة الإسلامي وشجاعة لدي المؤسسة الدينية بشقيها الأزهر والافتاء¢ لكي توضع الحدود الفاصلة.. ولا يظن أحد أن المقصود تجاوز الشريعة أو الافتئات علي حقوق الزوج التي كفلها الشارع الحكيم الضمان استقرار الأسرة واستمرارها لا لتدمير الأسرة والاستهتار بها.
وفي الأسبوع الماضي فوجئت ببعض شيوخنا يطالبون - صراحة - بإلغاء الطلاق الشفوي وعدم الاعتداد به.. وهي نقلة كبيرة وجيدة لحماية حقوق الزوجة والأولاد وضمان استقرار الأسر.
يقول الشيخ خالد الجندي:كل شيء في مصر أصبح موثقا ومقابل ورقة حتي أن المواطن أضحي حريصا علي أن يحصل علي ما يثبت شراءه مواد غذائية من ¢السوبر ماركت¢... ورغم ذلك مازالت المرأة ببلاش ومن الممكن أن تخسر كل شيء هي وأولادها في لحظة ينطق فيها الزوج بكلمة أنت طالق حتي وان تراجع عن قوله نظرا لسوء فهم منه لموقف معين صدر من الزوجة أو حتي رغبته في استمرار زواجه فيفاجأ بأنها الطلقة الثالثة.. ومن هنا تبدأ المعاناة التي يكون الأطفال هم المتضرر الأول منها.
ويري الشيخ خالد ان عدم الاعتداد بالطلاق الشفوي غير الموثق ضرورة لحفظ حقوق الأطفال قبل المرأة.. فكثيرا ما يضيع حقوقهم في دهاليز النيابات وساحات المحاكم نتيجة عدم توثيق 50% من حالات الطلاق في مصر رغم كره الزوج لزوجته وتطليقها شفويا ويهجرها ويتركها معلقة رغبة منه في تنازلها عن جميع حقوقها هي وأولادها... وإذا كان الله قد أمرنا بكتابه الديون أفلا نوثق الزواج والطلاق؟!
الشيخ جمال قطب رئيس لجنة الفتوي الأسبق بالأزهر يري أنه لا مانع من استصدار قانون يقر ببطلان الطلاق الشفوي.. مشيرا إلي أن هذه الفكرة لم تدرس بالأزهر من قبل.. وهي بحاجة إلي الاجتهاد الفقهي.
أما الشيخ عبد الحميد الاطرش رئيس لجنة الفتوي الأسبق بالأزهر أيضا فيخالف هذا الرأي ويقول إن إلغاء الطلاق الشفوي غير جائز لانه طلاق واقع شرعا.. كما أن الزواج الشفوي واقع أيضا إذا استوفي شروطه من قبول الطرفين ووجود الشهود ولو لم يوثق.
القضية جديرة - كما تري - بالمناقشة والتحري.. والسؤال الكبير فيها هو: ماذا لو نطق الزوج بكلمة الطلاق صريحة واستوفي شروطها الشرعية.. ثم تلكأ في إجراءات التوثيق إمعانا في ترك الزوجة معلقة.. فهي مطلقة شرعا وزوجة قانونا.. ويصبح عليها هي أن تثبت وقوع الطلاق الشفوي حتي تبدأ إجراءات التوثيق والاعتداد بهذا الطلاق.
نريد حوارا واسعا بين أهل الاختصاص في القانون والشريعة.. حوارا جادا ينتصر للشريعة الغراء أولا ولحقوق كل من الزوجين والأولاد في زمن ضل فيه كثير من الناس وأضلوا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف