عائشة عبد الغفار
مصر والاتحاد الأوروبى قاطرة النهضة
تشهد العلاقات بين الاتحاد الأوروبى ومصر انطلاقة جديدة فى ضوء النتائج المهمة التى حققتها زيارة الممثلة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبى فريديريكا موجيرينى أخيرا، والتى جاءت بمثابة ايذان بأن المرحلة المقبلة للتعاون المصرى ـ الأوروبى سوف تتجاوز البعد التقليدى بهدف بناء شراكة قوية وناضجة ولقد جاء اختيار مصر كعضو دائم بمجلس الأمن بمثابة اقرار بقبول «مصر الجديدة» فى المجتمع الدولى، كما أثبتت المشاركة الأوروبية فى مؤتمر شرم الشيخ أن هناك حالة تفهم جديدة داخل الاتحاد الأوروبى للتطورات فى مصر ولطموحاتها الاقتصادية... ولقد أرجح هذا الموقف، كما يقول السفير المخضرم رءوف سعد المسئول التنفيذى لاتفاقية المشاركة بوزارة الخارجية إلى مشروعين عملاقين هما محور تنمية قناة السويس الذى تعتبره القارة العجوز شريان حياة جديدا بينها وبين مصر، وجسر جديد لإفريقيا وآسيا وأداة تغيير مهمة فى حجم التجارة الخارجية، أما المشروع الآخر، فهو مشروع اكتشاف شركة «اينى» الايطالية للغاز لأن مصر هى الدولة الأكبر استقرارا فى المنطقة والمؤهلة لتصبح أكبر مصدر للغاز لأوروبا...
ومصر بقدر ما كانت تمثل بحيرة سلام فى المتوسط إلا أنها محك للأزمات مثل الإرهاب والهجرة، ولاشك أن تنفيذ المرحلة الثانية من سياسة الجوار الجنوبى التى سوف تمتد من 2016 إلى 2020 تشهد تغييرا فى مفاهيمها، حيث كانت سياسة الجوار الأولى التى امتدت من 2010إلى 2015 يغلب عليها طابع المشروطية، ولم تحقق النتائج المنشودة، وعندما تصدر يوم 18 نوفمبر الوثيقة الجديدة للمراجعة سوف نهنئ مصر التى وضعت رؤيتها لما يجب أن تقوم عليه علاقة الشركاء، حيث بادر وزير الخارجية سامح شكرى بإرساء آلية مبتكرة من خلال لجان فرعية تغطى مجالات تعزيز التعاون بين مصر والاتحاد.واليوم يعتبر الاتحاد مرشحا ليكون اللاعب الأول فى الشرق الأوسط والمستورد الأول للطاقة فى المنطقة بعد أن تنجح الولايات المتحدة عام 2018 فى أن تتحول إلى أكبر منتج للبترول والغاز فى العالم نتيجة استخلاصهما من الاحجار الصخرية، لاشك أن مصالح الاتحاد الأوروبى مرتبطة بتغيرات منطقتنا فى ضوء تفكيك بعض الدول وتصاعد الحروب الأهلية، وآفة الإرهاب، إلى جانب التأثير المباشر للاعبين غير الدوليين سواء كانت أحزاب مسلحة أو تنظيمات مختلفة دخلت فى المعادلة السياسية الإقليمية، ولها تأثير مباشر على الاتحاد الأوروبى، ونحن على مشارف حقبة جديدة فى العلاقات الأوروبية ـ الشرق ـ الأوسطية، تلعب فيها مصر دورا محوريا، كما يوضح لى السفير رءوف سعد سفير مصر السابق فى كل من بلجيكا وروسيا، والذى يتمتع بفكر استراتيجى يؤهله على استشراف المستقبل
ويجب ألا ننسى أن عملية برشلونة التى انطلقت فى نوفمبر 95 تعتبر المظلة الشاملة للعلاقات بين الاتحاد الأوروبى وجنوب وشرق المتوسط، ولم تكن فقط إعلانا للتعاون الاقتصادى، وإنما كانت مرتبطة أيضا بتطورات عملية السلام، وإذا كان الاتحاد قد حصل على جائزة نوبل لدوره فى تسوية المنازعات، وإذا كانت أوروبا جزءا من الرباعية الدولية، فهى تستطيع أن تلعب دورا بارزا فى اقرار عملية السلام، وأن تعول على أمريكا للتأثير على إسرائيل.
ان علاقاتنا بالاتحاد الأوروبى تغطى اليوم البعد الاقليمى والدولى وتغذيها دروس الماضى واليقين بحجم مصالحنا المشتركة، وبالذات أن أوروبا هى الشريك التجارى الأول لمصر، وأن مصر السيسى تراهن على مقومات تاريخية وشفافة من أجل بناء نهضة اقتصادية شاملة برغم كل التحديات التى تواجهنا.