الأهرام
عماد عبد الراضى
اسمحوا لى أن أخدعكم
هل تظن –عزيزى القارئ- أن من يريد أن يخدع غيره سيفتتح كلامه بعنوان يستأذنه فيه أن يمارس معه لعبة الخداع؟.. بالطبع لا يمكن أن يحدث هذا، فصاحب الخدعة لا يستأذن، بل سيحاول أن يخفى خدعته بمعسول الكلام وبكذب الحديث، وسيطليها بأزهى الألوان لكى تقع فريسته فى المصيدة، وتنطلى عليها الخدعة.
وهناك بوادر واضحة على أن الفترة القادمة ستحمل إلينا أخبار الكثير من المخادعين الذين لن يستأذنوا منا ليمارسوا علينا ألاعيبهم، وستتسع لعبة الخداع كلما اقتربت ذكرى يناير –لا أعادها الله- بعد أن تردد أن البعض سيحاولون إحداث (نكسة) فى يوم الذكرى... والسؤال هو: هل ستنطلى نفس الخدعة على المصريين؟!

قبل سنوات، تصدرت مجموعة من الوجوه المشهد المصرى، ومع تصدرها عَمَّت الفوضى أرجاء البلاد، واليوم بدأت نفس الوجوه فى ممارسة نفس اللعبة، فها هو وائل غنيم يطرح مبادرة جديدة، والبرادعى يستأنف "تويتاته" الشهيرة، وإبراهيم عيسى ينتقد كل شئ فى البلاد، وصباحى يعلن معارضته لقرارات البرلمان الذى لم يتكون بعد، وفى الخارج عاصم عبد الماجد يبث سمومه، وأيمن نور يمارس هوايته فى نشر الفتن، ومن المؤكد أن ذلك سيزداد خلال الفترة القادمة، وسيدخل آخرون فى لعبة الخداع لعلها تنجح كما نجحت سابقتها.

والخدعة التى يروج هؤلاء وغيرهم لها هى محاولة إيهام الناس بأن كل المصائب تأتى من الحاكم والحكومة، والحقيقة أنهم يتحملون بالفعل جزءاً من المسئولية... ولكن ماذا عن الشعب؟.. لقد ذهب مبارك وجاء الجيش الذى طالبوا وقتها به، ثم جاءت جماعة الإخوان التى قالوا عنها إنها أكثر الكيانات تنظيماً، ومن بعدهم جاء المستشار عدلى منصور ثم الرئيس السيسى –حفظه الله وسدد خطاه- فما الذى تغير فى المصريين مع كل هؤلاء الحكام؟!

الجواب هو: لا شئ، بل لقد زادت الأوضاع سوءاً بعد أن أخرجت أحداث يناير أسوأ ما فى المصريين.. وكل ذلك بسبب تعاملنا مع أنفسنا على أننا ملائكة لا نخطئ، رغم أننا السبب الرئيسى فى كل ما يحدث فى بلادنا، فإصلاح حكامنا يبدأ بإصلاح أنفسنا، فمن حكمة الله أن الولي والمولى عليهم يكونون متساويين كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (الأنعام:129)، كذلك يولِّي الله على الصالحين الصلحاء، فجاء في الأثر: "كما تكونون يولَّ عليكم"، وعندما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حديث رواه بن ماجة: "يا معشر المهاجرين، خمسٌ إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن..." منها: "ولم يُنقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم"، فهل فعلنا ما علينا لكى نسأل الله الذى لنا؟!

وهناك الكثير من الأدلة على أن صلاح الحاكم يكون بصلاح الرعية، فكما قال عبد الملك بن مروان: "تريدون حاكما كعمر فكونوا كرعية عمر".. فهكذا يكون الإصلاح، أما المظاهرات والاعتصامات والعصيان وغيرها من الوسائل التى استوردناها من الغرب، فما هى إلا وسائل لإثارة الفوضى والفتنة، وما يخدعنا هؤلاء إلا لكى تتكرر الفوضى وتعم الفتنة وتسقط البلاد فى مستنقع خراب ودماء لا يعلم مداه إلا الله.

فاحذروا المخادعين، فإن "موسمهم السنوى" قد اقترب، وسيزداد نشاطهم الشيطانى، ولن يستأذنكم أحد قبل أن يخدعكم.

ملحوظة: أعلم أن الكثيرين سيتهموننى بأنى مع أمن الدولة، وقد قلتها من قبل ولا زلت أؤكدها: "سأظل طوال عمرى مع ما يوفر أمن الدولة، ولن أكون أبداً مع خرابها"
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف