الجمهورية
صلاح الحفناوى
طوارئ فرنسا.. وطوارق مصر
هذا هو الفرق بيننا وبينهم.. عندهم الوطن مقدم علي كل شئ حتي علي الحريات الشخصية.. عندهم إذا تعرض الوطن للخطر يتوحد الجميع.. فلا خلاف ولا اختلاف ولا حتي مجرد اجتهاد برأي.. عندهم لا سفسطة ولا إعلام عار ولا مأجورين ينهشون في جسد الوطن من أجل حفنة دولارات.. وعندنا عكس كل ذلك.
أحداث باريس اسقطت ورقة التوت عن عورة اعلامنا.. فضحت تجار حقوق الإنسان ونشطاء الدفاع عن البلطجية والإرهابيين والوكلاء الحصريين للفوضي الثورية.. الرئيس الفرنسي فرانسوا أولان واجه الحدث بحزمة قرارات حولت باريس إلي معتقل كبير.. أغلق الحدود وأعلن الطوارئ.. والطوارئ الفرنسية ليست مرتجفة أو مرتعشة مثل ¢الطوارق¢ عندنا.. الطوارئ علي الطريقة الفرنسية تسمح بحزمة هائلة من التجاوزات الحقوقية والقانونية مثل منع التجوال وتفتيش المنازل والاعتقال دون أذن قضائي والرقابة الحكومية علي وسائل الإعلام ومنع التجمعات وإغلاق الملاهي ودور السينما والحد من الحريات العامة والتنقل والرأي.
الطوارئ علي الطريقة الفرنسية تمنح المحافظين.. سلطة إنزال عقوبة السجن أو الغرامة المالية بكل مخالف سواء كان راشدًا أو قاصرًا.. نحن هنا أمام توقيع عقوبة السجن بدون محاكمة.. ولا يستثني منها حتي الأطفال.. تمنحهم سلطة تفتيش المنازل في أي وقت دون الحاجة إلي إذن قضائي وإبعاد الذين يعتبرون مصدر تهديد للأمن.. وفرض الإقامة الجبرية بـ¢مناطق أمنية¢ محددة وطرد الأجانب ومصادرة الأسلحة المرخصة.
الطوارئ علي الطريقة الفرنسية تكاد تحصي الأنفاس وتخنق الناس وتقصف الأقلام وتقيد الإعلام.. ولا أحد يتذمر أو يحتج أو يهاجم أو يشتم.. ولا أحد يتدخل فيما لا يعنيه.. الكل في واحد.. هذا هو الشعار الوحيد المسموح به وقت الأزمة.. أما عندنا فالأمر مختلف.
منذ ليلة باريس السوداء وحتي لحظة كتابة هذه الكلمات لم اشاهد تعليقا واحدا أو انتقادا للأداء الأمني الفرنسي الذي سمح بتكرار العمليات الإرهابية بنفس الطريقة وبقدر هائل من الاستخفاف خلال أقل من عام.. لم أسمع ناشطا أو إعلاميا أو ثورجيا ينتقد الرئيس الفرنسي لأنه ترك العاصمة تحترق فيما هو يشاهد مبارة كرة قدم.. لم نشاهد مهرجا إعلاميا يذهب الي الاستديو مرتديا ملابس رياضية ليسخر من ضعف تأمين المباراة.. لم نشاهد إعلاميا يمسك بيديه حمالات بنطاله ليحدثنا بغرور وصلف عن علاقة الأعمال الإرهابية الدامية بالاداء المتدني للرئيس الفرنسي.. لم نشاهد برادعي فرنسيا يركب موجة الأحداث ويطالب بإسقاط النظام.
الرئيس الفرنسي تعامل مع الحدث بمنطق الدولة القوية القادرة علي فرض شروطها وتحديد خطواتها وتنفيذ خططها دون تدخل من أحد في الداخل أو الخارج.. وليس المرتعشة التي تريد ان ترضي الخاطف والمخطوف.. لم تفكر مثلما نفعل.. في ردود أفعال الدول الأخري ولا فيما يمكن أن تقوله مجموعة المتاجرين بالشعارات الخائنين لقيم الوطن المدنسين لثوب الإعلام الذي لم يعد ناصعا.
هل نستطيع ان نفعل ذلك في مواجهة الارهاب علي ارضنا؟... بصراحة لا ولن نستطيع.. ما لم نطهر الإعلام من اخوة الشيطان الذين لا يزيد عددهم علي العشرة في قنوات رجال أعمال أصبحت تتحكم في الوعي المصري لحساب أصحابها.. ما لم نتوقف عن محاولة ارضاء مجموعة العاطلين عن العمل من أصحاب بوتيكات الجمعيات الحقوقية.. ومالم نفرض الطوارئ الفرنسية علي الاراضي المصرية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف