الجمهورية
المستشار محمد محمد خليل
كلمة في تجديد الخطاب الديني
كان فضيلة الإمام محمد متولي الشعراوي وفضيلة الإمام محمد الغزالي رضي الله عنهما وأسبغ عليهما سحائب رحمته نموذجاً طيباً في فهم الإسلام حق الفهم وعرضه علي الناس بأسلوب عقلي متفتح. مستنير بنور الوحي الصادق والتقي لديهما العقل الصريح والنقل الصحيح والفطرة السليمة بضياء الوحي الذي أنزله رب العزة علي نبيه محمد صلي الله عليه وسلم.
سار علي نهج العلماء السابقين الذين جددوا علوم الإسلام وشرحوه بعقل واع قائم علي حسن الفهم وكما أنزله الله وحياً علي نبيه لا يتنافر مع ما وهبه الله للبشر من قدرة علي التفكير. ومن أمثال هؤلاء الإمام محمد عبده وفريق مبارك سار علي دربه نعجز عن تعدادهم ـ وأيضاً ـ سار علي دربهم أجيال عديدة. دافعت عن الإسلام ومازالت تدافع عنه بفكر ثاقب ورأي كاشف للحق دون تناقض بين العقل والنقل لأن كليهما أثر من آي رحمة الله بعباده وبره بهم ونعمته عليهم وآثاره تعالي لا تتناقض علي حد قول أحد العلماء المجتهدين الذي أضاف أنه إذا بدا لنا شيء من التناقض بين العقل والنقل فلابد أن يكون النقل غير صحيح أو العقل غير صحيح.
إن عرض الإسلام المصفي جهد كبير قام به علماؤنا القدامي كما يقوم به العلماء في العصر الحديث لذلك فإن العاملين في حقل الدعوة الإسلامية عليهم أن يقرءوا تراث الأقدمين بعقل واع علي ضوء ما كتبه المحدثون أمثال ما ذكرنا في صدر هذه الكلمة مروراً بكتب الشيخ الإمام أبي زهرة والسيد سابق وخالد محمد خالد والدكتور محمد البهي والدكتور محمد عبدالله دراز والإمام الشيخ مصطفي عبدالرازق والإمام محمود شلتوت والإمام عبدالحليم محمود والدكتور علي سامي النشار والشيخ نديم الجسر والأستاذ وحيد الدين خان وكثير غيرهم من مفكري الإسلام في العصر الحديث مراعين في كل ما يقرءون إعمال عقلهم في منهج فكري منظم خبير بما دس في الكتب القديمة من خرافات إسرائيلية لا تتفق ونقاء الإسلام والعقل السليم.
حين تقرأ بعض كتب التراث لابد أن يكون الداعية علي وعي ومعرفة بمادس من حكاوي الإسرائيليات التي حشرت في بعضها إما أنها فاتت علي الكاتب أو دست في كتبه علي يد بعض النساخ الذين كانوا ينسخون الكتب الأصلية بأيديهم قبل وجود الطباعة جهلاً منهم و عن سوء قصد مع الأخذ في الاعتبار أهمية كتب التراث وفضلها علي الأمة الإسلامية بما تحتويه من مجهود عقلي رائع نفخر به ونعتز..
للاستفادة ـ كما سبق أن كتبنا مراراً ـ لابد أن تتولي الدولة عن طريق أجهزتها الثقافية بتكوين لجان من كبار مثقفينا لتحقيق التراث وتنقيته مما شابه وتؤدي الجامعات دورها في تشجيع طلبة الدراسات العليا في الكليات النظرية بتحقيق كتب التراث في مجال الحصول علي درجة الماجستير والدكتوراة حينئذ لن نخشي من عدم عرض الإسلام عرضاً جيداً يفيد المسلمين بل الإنسانية كلها ولن نحتاج للحديث عن ضرورة تجديد الخطاب الديني مادام الدعاة يقرءون بعقل متفتح كتباً حررها علماء يشهد التاريخ بجهدهم في عرض الإسلام وغزارة فكرهم وسلامة فهمهم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف