د. أحمد جاد منصور
القيادة هي القلب النابض للإدارة
القيادة هي فن التأثير في الأشخاص. وتوجيههم بطريقة معينة يتسني معها كسب طاعتهم واحترامهم وولائهم وتعاونهم من أجل الوصول إلي أهداف محددة. وهي أيضاً فن التنسيق بين الأفراد والجماعات وشحذ هممهم لبلوغ الغايات المنشودة.
والقيادة هي قلب الإدارة النابض الذي يضخ الدماء دائماً في كل عناصر العملية الإدارية والتي تتمثل في التخطيط والتنظيم وتعيين الموظفين المؤهلين الأكفاء. واتخاذ القرارات الرشيدة. وتفعيل الاتصالات الإدارية مع مرءوسيه في جميع المستويات الوظيفية. والتنسيق بين جميع الجهات ذات الصلة.. والمتابعة والرقابة لضمان تنفيذ الأهداف.
والقائد يختلف عن الرئيس. فالقيادة علم وفن وتنبع تلقائياً من المرءوسين.. وإنما الرئاسة هي أمر مفروض وفقاً للأوضاع التنظيمية القائمة.. ولذا نؤكد أنه ليس كل رئيس يعد قائداً.
والقيادة قد تكون تسلطية تكون قراراتها فردية دون استشارة المرءوسين.. ولكن القيادة الديمقراطية تكون قراراتها نابعة من جميع المرءوسين كحصيلة للمناقشة والتفكير الجماعي وحرية التعبير عن الرأي وتوزيع الاختصاصات والمسئوليات.
ولاشك أن مصر مليئة بالكفاءات والقدرات المؤهلة والقادرة علي الإسهام في تنمية البلاد وتقدمها في هذه المرحلة الحرجة التي نمر بها خاصة مع تعاظم التحديات الداخلية والخارجية التي لا تريد الخير لأرض الكنانة ومن أهم اعتبارات اختيار القيادات أن يكون لدي القائد رؤية واضحة للسياسة العامة للدولة وأن تتوفر لديه البصيرة لكيفية تحقيق تلك السياسات في إطار التوفيق بين المصلحة العامة والمصالح الخاصة لمجموع العاملين.. وينبغي أن يكون القائد مقتنعاً تماماً بأهداف المؤسسة. وأن يبث اليقين لدي مرءوسيه بقدرتهم علي العمل بأعلي مستوي من الكفاءة لتحقيق الغايات المنشودة وأن يرفع من روحهم المعنوية ليكونوا أكثر قدرة علي الأداء علي المستوي المنشود.
ومن المهم أيضاً أن يكون لدي القائد القدرة علي التطوير والابتكار والإبداع. وأن يفكر ويخطط خارج الصندوق وأن يكون لديه نفاذ في البصيرة ورؤية للمستقبل بكل متغيراته ومستجداته التي تفرض نفسها علي الساحة.. الأمر الذي يمنحه المرونة في تعديله للخطط والسياسات وتطويرها مهما كانت التحديات التي تواجهه.
من المهم أيضاً أن يكون لدي القائد القدرة علي تحمل المسئولية أياً كانت المشكلات التي تواجهه. وأن يكون واثقاً من نفسه لديه القدرة علي اتخاذ القرارات الرشيدة.. وتجدر الإشارة إلي أن من عناصر القيادة الواعدة أن تكون لديها القدرة علي التغلب علي مشاعر الخوف وأن تكون لديها مهارة حسن التصرف عندما تسوء الأمور.. وأن تراعي دائماً أن تكون تصرفاتها علي مستواه مع حسن إدارة الوقت في الموضوعات التي يتطلب الأمر تدخلها فيها. وتترك ما دونها للمستويات الوظيفية الأقل وذلك من خلال تفعيلها لمبدأ التفويض والبعد عن المركزية الشديدة التي تعد من أكثر المعوقات لإنجاز العمل.
والقائد الناجح ليس هو بالضرورة الذي يحقق أهداف المنظمة بنسبة 100% وإنما هو الذي يحقق أعلي نسبة ممكنة من تلك الأهداف في ظل أعلي درجة ممكنة من رعاية مرءوسيه وتظهر أهمية اختيار القيادات في أوقات الأزمات بصفة خاصة لأنه من الضروري أن يكون لديهم العلم والمهارة في التصدي لتلك الازمات واحتوائها والتغلب عليها وذلك من خلال نقل العمل إلي غرفة العمليات فوراً وتوزيع الأعمال والاختصاصات والتنسيق المستمر بين الجهات ذات الصلة والاتصال المباشر مع كافة المسئولين مع حشد كل الامكانيات وعمل لجان ميدانية للمتابعة.
ويعد تعاقب القيادة من أهم العقبات التي تواجه المدير الجديد.. لأن الأمر يتوقف علي مدي قبول الموظفين له لخشيتهم من التعديل وزيادة الاعباء الوظيفية وعدم معرفة القيادة الجديدة بشخصيات الوكلاء والمساعدين.. ولذا علي القائد أن يفهم بسرعة الموقف السلوكي السائد في المنظمة.. ويمكن للقيادة الجديدة أن تتخذ عدداً من الاجراءات للتغلب علي هذه العقبات من بينها اجراء زيارة ودية للرجل الثاني ومنحه التفويض المناسب وإشراكه في رسم السياسات وتكريم المدير السابق وعقد اجتماعات مع العاملين جميعا وزيارات ودية لكبار الموظفين في مكاتبهم.. وأن يقنع الجميع أنه يستهدف خيرهم إلي جانب تحقيق أهداف المنظمة.
والقائد الناجح هو الذي لديه القدرة علي إصدار القرارات الرشيدة الفاعلة التي تدعم المنظمة في أدائها وتطويرها.. ومهارة اصدار القرارات أمر غاية في الأهمية لأن القرار يعد كالمقذوف الناري لا يمكن استرجاعه مرة أخري.. وإن كان يمكن تعديله أو إلغاؤه وتدارك آثاره السلبية وعلي القيادة أن تراعي عدداً من الأمور الهامة لدي اتخاذها للقرار من أهمها ضرورة تحديد المشكلة تحديداً دقيقاً صادقاً ثم الحصول علي الاحصاءات والبيانات والمعلومات وتحليلها.. ثم مشاركة مرءوسيه في عرض البدائل المتاحة بإيجابياتها وسلبياتها.. تمهيداً لاختيار البديل الأمثل الذي يتضمن أكبر قدر من الايجابيات وأقل قدر من السلبيات.. وعلي القيادة أن تأخذ في اعتبارها لدي اتخاذ القرارات الاعتبارات السياسية والأمنية والمالية والاجتماعية السائدة وأن يختار اسلوب وتوقيت اصدار القرار مع أهمية متابعة تنفيذه لرصد ردود الأفعال بشأنه.
كل ما سبق يظهر أهمية وضرورة اتباع مقاييس وضوابط محددة يتعين الالتزام بها لدي اختيار القيادات.. وهذا ما تتبعه الدول المتقدمة منذ فترة طويلة حيث يتم اختيار القيادات وفقاً لمعايير الكفاءة والاختبارات وحجم الانجازات السابقة والمقابلات الشخصية.
ولعلنا نسترشد بما يتم في فرنسا التي لديها المركز القومي للإدارة الحكومية الفرنسية الذي يتولي اختيار وتأهيل قيادات الأجهزة الحكومية بالدولة وايضا المعهد القومي للإدارة العامة في ماليزيا الذي اكتسب شهرة عالمية بسبب الموضوعية الشديدة في معايير اختيار القيادات.