المغرمون بأمريكا لا يتحدثون إلا عن التقدم والحلم الأمريكي وما يمكن أن يحققه المواطن هناك من ثروات ومكاسب مادية وأدبية.
وهذا صحيح إلي حد كبير.
لكن هناك جوانب أخري قائمة. قد يتناساها البعض أو يتجاهلونها. أو ربما تغيب عن أذهانهم. أو ليس لديهم علم بها.
والذين يصنعون الثروات هناك أو يصلون إلي المناصب العليا أو يحققون الانجازات العلمية والابتكارات التكنولوجية. يحفرون في الصخر ويعملون ليل نهار حتي يصلوا إلي مبتغاهم!
والمجتمع الأمريكي يعتمد أساساً علي القطاع الخاص. وهذا القطاع لا يبعثر أمواله يميناً ويساراً. بل يستثمر كل دولار لكي يحقق من ورائه دولارات ودولارات. وبالتالي لا يمكن لأحد أن يتكاسل في عمله ويحصل علي أجره كاملاً. سواء في القطاع الخاص أو الحكومي. مثلما يحدث عندنا في كثير من المواقع!
وأمريكا ليست كلها واشنطن ونيويورك ولوس انجلوس وغيرها من المدن الاسطورية التي نقرأ عنها ونشاهد صورها علي شاشات التليفزيون والسينما. فهناك أماكن تعاني من البؤس والحرمان.
مثالاً علي ما سبق. هناك ما يسمي بحزام الفقر الأمريكي.
وهذا الحزام يضم أكثر قري الريف الأمريكي فقراً ويمتد من شرق كنتاكي عبر دلتا المسيسيبي. وصولاً لحدود تكساس مع المكسيك. وهناك مجتمعات أخري. بعضها تسكنها أغلبية من الأمريكيين الأفارقة. والثانية لاتينية خالصة في ذيل قائمة الفقر بولاية أريزونا.
أورد موقع صحيفة الجارديان البريطانية تقريراً حول هذه القري يجسد ما فيها من معاناة ومشكلات تفوق الحصر.
من القري. التي تخيم عليها سحب التعاسة والشقاء. بلدة بيتيفيل بولاية كنتاكي الأمريكية. حيث تنعدم فيها فرص العمل وينتشر إدمان المخدرات.
ومن بين السكان. جدة في التاسعة والخمسين من عمرها. تقول ساخرة: "أظن أنني في وضع أفضل بعد كل ما رأيته في حياتي".
وتروي قصتها قائلة: "كنت أدمن الكحوليات. ثم وقعت في شرك الحبوب المخدرة".
بعد سنوات. وقعت هذه الجدة في أسر التجارة السرية للمخدرات التي تميز شرق كنتاكي اليوم.
وتحدثت بصراحة مذهلة عن دورها في نشر الوباء الذي ابتليت به القري المتناثرة والشاحبة بمنطقة جبال أبلاتشيا. وتصفها بأنها مجتمعات غارقة في مستنقع الشقاء. وتعيش علي الوهم. ويتفشي فيها إدمان المخدرات.
تخلصت هذه السيدة من الإدمان بعد 15 سنة. وكافحت حتي وجدت وظيفة خادمة في مطعم مقابل 300 دولار شهرياً. لا تكفي سوي الإيجار الشهري لمسكنها. وهو عربة مقطورة. وتحصل علي إعانة حكومية قليلة.
وتؤكد أن هناك وسائل عديدة للحصول علي الحبوب المخدرة. وكبار السن يبيعون الوصفات الطبية. التي تصرف لهم من خلال التأمين الصحي. للحصول علي المال الذي يشترون به طعامهم.
وتقول إنها كانت تعمل مديرة بمطعم للوجبات السريعة. واعتادت الحصول علي الحبوب المخدرة من الزبائن مقابل ما يحتاجونه من الهامبورجر.
ولا يختلف الوضع في بيتيفيل عن غيرها من القري الموبوءة بالفقر والإدمان في أمريكا. والبعيدة تماماً عن الحلم الأمريكي.