المساء
خيرية البشلاوى
¢مالالا¢ والغرب
الصبية الباكستانية ¢مالالا يوسفزاي¢ ربما تكون عزيزي القارئ قد سمعت عنها؟ إنها أصغر شخصية تحصل علي جائزة نوبل للسلام.. والصبية التي أشعلت غضب بعض وسائل الإعلام الغربية عندما تعرضت لمحاولة اغتيال أثناء عودتها في سيارة المدرسة مع زملائها وكانت في الخامسة عشرة وقد أصيبت بالفعل ونجت بأعجوبة وانتقلت للعلاج في بريطانيا.. ¢مالالا¢ تحولت إلي ¢أيقونة¢ ورمز للأنثي التي رفضت التقاليد التي فرضتها ¢طالبان¢ هي أيضا ¢ناشطة¢ ولديها قضية مشروعة. وقد أظهرت قدرتها علي التأثير في سن صغيرة جدا. تمتلك وجها جميلا. وشجاعة مدهشة وبلاغة في الكلام.. وقد استطاعت أن تلفت النظر إلي الأوضاع البائسة التي فرضتها جماعة طالبان.
وتحولت حكاية ¢مالالا¢ التي بلغت الآن الثامنة عشرة إلي موضوع لشريط تسجيلي جذاب أخرجه الأمريكي ليفيز جاجنهايم المولع بالقضايا الإنسانية ذات الأبعاد السياسية وقد شاركت الإمارات العربية في انتاجه وشارك الفيلم في مهرجان القاهرة الذي انتهت فعالياته أمس الجمعة.
¢مالالا¢ تعيش مع أسرتها حاليا في انجلترا هي وشقيقاها وأمها ووالدها الذي آمن بثورتها وساندها لأنه هو أيضا من الذين يقودون حملة عن حقوق الإناث وأهمها الحق في التعليم.
الفيلم يرسم ¢بورتريه¢ جديرا بالتأمل والاهتمام. صورة ¢للأنثي¢ عندما يتحول صوتها ¢العورة¢ في نظر من يقمعون الإناث في بلادها إلي ¢طلقات¢ تصل تداعياتها إلي خارج باكستان فقد أصبح لديها ¢صندوق¢ باسمها وحملة تجعلها موجودة في المشهد السياسي العالمي حيث تنتقل من كينيا إلي نيجيريا إلي أمريكا تدعو للتسامح والعدالة وإلي التصدي لقوي الظلام والقتل التي تمثلها جماعة طالبان ومن يحذون حذوها من الجماعات ¢الإسلامية¢.
حول المخرج الأمريكي ¢مالالا¢ الباكستانية إلي مناسبة للاحتفاء بالتفكير الحر. بالتعليم. وبالمعرفة وباستخدام قوة البلاغة والصوت المثابر والمؤثر في التصدي للغبن التي تتعرض له المرأة عموما بسبب النزعات الرجعية الظلامية المناهضة لوجودها خارج اطار كونها أنثي وأن كل ما فيها عورة لابد أن تتواري خلف الجدران وإن ظهرت مضطرة لا يظهر منها سوي عينيها وحتي عيناها يجب أن تتواري وراء قماش مثقوب.
¢مالالا يوسفزاي¢ التي حصلت علي ¢نوبل¢ للسلام عام 2014 مجرد واحدة من عشرات الملايين من الإناث فوق كوكب الأرض. يتعرضن للقمع والسبي والاغتيال المعنوي والمادي.
هي في حقيقة الأمر صناعة غربية أمريكية. مجرد ¢شارة¢ للزينة. وللتدليل علي دعم حرية المرأة والتمرد علي التقاليد وهي في نفس الوقت حالة جديرة بالإعجاب فعلا. فتاة عادية من أسرة متوسطة تجيد التحدث باللغة الانجليزية. مفوهة أنيقة ورابطة الجأش أمام أدوات الميديا الحديثة تنعم في بلاد الانجليز بالشهرة وتتردد علي الأطباء لازالة آثار الكدمات الناتجة عن الإصابة التي كادت تودي بحياتها. أصبحت ¢الشهيدة الحية¢ ومع ذلك وحسب كلامها فإنها تفتقد الشوارع القذرة في بلادها. وتفتقد النهر. وتفتقد بلادها عموما ولا تستطيع العودة خوفا من اغتيالها.
¢مالالا¢ الباكستانية بزيها القومي وملامحها وألوانها الجذابة وطلتها البهية تحمل ألقاب ¢أصغر¢ناشطة عالمية و¢أصغر¢ من حصل علي جائزة نوبل وان كنت شخصيا لم أعد أثق في قيمة الجائزة بعد أن حصلت عليها ¢توكل كرمان¢ اليمنية الإخوانية التي تكشفت ملامحها الحقيقية وكانت ¢ناشطة¢ ولازالت تظهر من حين لآخر في موقع ما علي أرض المعمورة لتؤدي دورا ما.. ¢صناعة النشطاء والناشطات¢ باتت من الصناعات المهمة والثقيلة المطلوبة في السنوات الأخيرة بعد ظهور الانتاج البشري هذه الصناعة والاسماء التي أفرزتها في سنوات الثورة حيث أصبح لدينا الآن ¢ألبوم¢ تمتلئ صفحاته ¢بالبورتريهات¢ التي ساهم الإعلام في تسليط الضوء عليها وجعل منهم ¢إناثا وذكورا¢ أيقونات للثورة حتي أزيح الستار عن المصنع الذي تدربوا فيه وعن مؤسسات التفكير التي رسمت سيناريوهات إعادة التقسيم والتفكيك ورسم الخرائط.
¢مالالا¢ أنثي محظوظة وكذلك أسرتها ووالدها الثائر. والاثنان الأب والابنة يقودان حملة تطالب بضرورة تعليم الإناث والحق في الحياة المتساوية من دون تمييز ولا شك أنها رسالة نبيلة.. ولكنني أمام مشروعية هذه الأمور أشعر بالارتباك فعلا. وأتذكر المثل البلدي ¢اسمع كلامك يعجبني أشوف أمورك استعجب¢ انجلترا وأمريكا قوي استعمارية خبيثة ومدمرة والجماعات الإرهابية من نوع القاعدة وطالبان وداعش والجماعة الإرهابية الخ القوي التي تحمل راية ¢الإسلام¢ السوداء ليست سوي صناعة غربية استعمارية قذرة لا تعرف الأخلاق ولا المبادئ ولا تعترف بأي شيء سوي مصالحها.. ولكنها في ذات الوقت تساند ¢شكلا¢ بعض رموز التحرر وتدعم أمثال ¢مالالا¢ لأن ¢مالالا¢ في النهاية مخلوق برئ ولاحقا لن تملك إلا مشاعر الحب والولاء لمن منحوها الحياة والشهرة والعيش الكريم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف