المساء
مؤمن الهباء
الطريق إلي داعش.. طويل جداً
كلهم يتحدثون عن الحرب ضد داعش.. وكلهم في الحقيقة لا يحاربون داعش.. وغير مهتمين بالقضاء الحاسم علي هذا التنظيم الإرهابي.. لسبب بسيط أن لكل منهم أعداء آخرين وأهدافاً أخري.
التراخي الأمريكي في مواجهة داعش معروف.. والضربات الجوية التي تشنها مع حلفائها علي أهداف داعشية لأكثر من عام لم تحقق شيئاً.. بالعكس استمر تقدم وتوحش داعش في أرض العراق والشام.. وتمدد نشاطه إلي سيناء وليبيا وتونس.. وكذلك الحشد الروسي في سوريا تأكد الآن أنه جاء لحماية بشار الأسد في مواجهة المعارضة وليس كما قيل للقضاء علي داعش.
وفي الأسبوع الماضي تغيرت أشياء كثيرة بعد الهجمات الإرهابية في باريس وبعدما أعلنت روسيا أنها ستنتقم من الجناة الذين تسببوا في إسقاط طائرتها المدنية وقتل ركابها وفق المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة التي تجيز لها الدفاع عن نفسها.. فهل تتغير القناعات والاستراتيجيات؟!
أرسلت فرنسا حاملة الطائرات "شارل ديجول" إلي شواطئ البحر المتوسط.. وأعلنت أنها ستكثف غاراتها علي الأهداف اللوجستية والبنية التحتية في المناطق التي تسيطر عليها داعش لحرمانها من بيع النفط بالإضافة طبعاً إلي الأهداف العسكرية.. وفي الوقت ذاته تتحدث الأوساط السياسية عن تفاهم بين أوباما وبوتين في قمة العشرين بتركيا علي أن تكون الحرب ضد داعش أكثر جدية.
والواضح أن أوباما واقع الآن تحت ضغط من حلفائه الغربيين وايضا من الحزب الجمهوري المعارض لاستراتيجيته تجاه داعش.. خصوصاً بعد هجمات باريس.. وهناك مطالب صريحة من الصقور الجمهوريين باستنفار حلف الناتو لينشر قوات له في الأراضي السورية.. فيما اقترح آخرون إرسال 10 آلاف جندي إلي القتال في سوريا.
ورغم كل هذا الصخب فقد نشرت "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريراً صادماً يؤكد أن القوي الفاعلة في الشرق الأوسط غير مهتمة بالقضاء علي "داعش".. وأن لكل من هذه القوي أولويات أخري غير الانخراط الجاد في الحرب علي داعش والإرهاب.. وهو أمر سيجعل الطريق للقضاء علي التنظيم الإرهابي طويلاً للغاية.
قالت الصحيفة إن الخصم الرئيسي لبشار الأسد وحليفه بوتين هو المعارضة السورية التي باتت الهدف الحقيقي للضربات الروسية.. كما أن الحكومة التركية لاتزال تعتبر أن عدوها الأول هم الانفصاليون الأكراد.. وأن انتصار أكراد سوريا علي داعش في بعض المناطق يثير مخاوف تركيا من أن تقوي شوكة الأكراد وطموحاتهم بتكوين دولة علي الحدود التركية السورية.. ومن ثم مواصلة المقاومة المسلحة ضد الحكومة التركية.. وبنفس المنطق فإن أكراد سوريا والعراق لا يسعون جدياً إلي تدمير داعش بقدر الدفاع عن حدودهم الجديدة.. وكثيراً ما يبقون بعيداً عن قتال التنظيم الإرهابي في المدن العراقية.. وفي تصورهم أن هزيمة داعش سوف تسقطهم في قبضة الحكومة العراقية التي ستكون قد قويت ساعتها.. وتفرغت لحربهم.
أما السعودية فإن عدوها الأول - وفقاً للصحيفة - هو إيران وليس داعش والعكس صحيح.. فالعدو الأول لإيران ليس داعش وإنما المعارضة التي تستهدف إسقاط حليفها بشار الأسد.. كما أن وجود داعش في الأراضي العربية يمنع الدول العربية من تكوين قوة معادية لها.
وأما إسرائيل فهي سعيدة.. لأن حزب الله انشغل بالحرب ضد العرب.. وسوريا تنهار.. وإيران غارقة في حرب غامضة.. والكل نسي القضية الفلسطينية.
لم تذكر الصحيفة بالطبع أن وجود داعش وتمددها يضمن للغرب وجودهم الدائم في المنطقة.. ويضمن لهم سوقاً رائجة للسلاح.. ويضمن تنفيذ مخططات تفكيك المنطقة وتركيبها من جديد بتقسيم المقسم.. ويضمن استنزاف مقدرات وثروات الشعوب العربية وبقاء المنطقة ملتهبة لا تهدأ.. ويضمن استمرار الصراع الطائفي والإرهاب دون المساس بأمن وسلامة إسرائيل.
لهذا كله.. سوف يعيش تنظيم داعش كثيراً حتي يستكمل الدور الذي بدأه.. والهدف الذي من أجله نشأ وترعرع.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف