الوطن
د. محمود خليل
نسد الخُرم ولّا نفتحه ؟!
بعد أن أكد الدكتور أشرف الشيحى، وزير التعليم العالى، حل مشكلة خصم نسبة الـ10% من مرتب أساتذة الجامعات (فوق الستين عاماً)، فوجئ المجتمع الجامعى بتطبيق نسبة الخصم للشهر الثانى على التوالى منذ ما يقرب من ثلاثة أسابيع، خرج «الشيحى» مؤكداً أن المشكلة «انتهت تماماً»، بعد اللقاء الذى أجرته اللجنة المشكلة برئاسة الوزير مع الدكتور هانى قدرى، وزير المالية، لمدة تزيد على الساعتين، ، وأنه تم غلق هذا الباب تماماً تقديراً لدور أعضاء هيئة التدريس!.

ماذا يعنى تواصل تطبيق نسبة الخصم بعد بيان «الشيحى»؟ إنه يعنى أمرين أساسيين، أولهما أن وزير المالية لم يكن جاداً فى الأمر، بدليل أنه لم يطبق من الاتفاق الذى تمخض عنه «لقاء الساعتين» حرفاً واحداً، وتواصل الخصم. وموضوع الساعتين يمنحك مؤشراً عن الطريقة التى يتعامل بها بعض الوزراء مع الوقت، إذ لم يمانع وزيران من إضاعة ساعتين كاملتين فى مناقشة من الواضح أنها لم تصل إلى شىء. وأخشى أن يفهم من هذه الطريقة فى الأداء أن الوزراء يستخف بعضهم ببعض، وأن وزير المالية كان «يهاود» وزير التعليم ليس إلا، وما إن خرج الأخير من مكتبه، حتى «رجع أبوك عند أخوك».

الأمر الثانى الذى يمكن أن يُفهم من تواصل الخصم أن وزير المالية يصر على تطبيق ما يرى أنه قانون، وهو حقه بالطبع، لكننى أود أن أسأله: لماذا لم تحسم الأمر مع اللجنة التى ناقشتك فى أمر الخصم، وقلت لهم إنك تطبق القانون؟. ولماذا لم تعلق على البيان الذى أصدره «الشيحى» عقب مفاوضات «كامب المالية» التى أجراها معك؟. كان من الضرورى أن تمتلك شجاعة المواجهة، طالما ترى أنك أتيت بتصرف قانونى. وبمناسبة الكلام عن القانون، أريد أن أسأل: ما الوضع المالى والقانونى بالنسبة للعديد من المستشارين داخل وزارات ومؤسسات الدولة، ومن بينها وزارة المالية، ممن هم فوق الستين، ويتعاملون بنظام المكافآت؟. ولعلك تعلم أن السلطة تتبنى توجهاً لتخفيض عدد المستشارين بالحكومة!.

وزارة المالية مصرة على جمع أكبر قدر من الأموال من جيوب أفراد الطبقة الوسطى، وفى تقديرى أنهم يبحثون فى «الجيب الخطأ» وأن ثمة نتائج سلبية كثيرة يمكن أن تترتب على هذا النمط من الأداء، فجيوب هؤلاء لم يعد فيها سوى الفتات، والكثير من أفراد الطبقة الوسطى هبط بهم الارتفاع المتواصل فى أسعار كل شىء إلى أسفل درجات السلم الاقتصادى، وما سيتم جمعه منهم لن يحل مشكلة العجز فى الموازنة. أمام الحكومة جيوب أخرى «عمرانة» يمكنها أن تفتش فيها، أمامها «سيالة الصناديق الخاصة»، والصندوق الأسود لأراضى الدولة التى تم نهبها، وأمامها المتهربون من الضرائب من كبار المستثمرين ورجال الأعمال. من العبث أن تفتش الحكومة ووزير ماليتها فى الجيب الخطأ، وتخدع رجلاً فى سن الدكتور «الشيحى»!. وهى بعد ذلك لن تجنى سوى المزيد من الغضب الشعبى عليها، لأن الجيب الذى تبحث فيه أصبح مخروماً، و«ما يصحش» يخرج وزير ويحدثنا عن سد الخرم، ثم يخرج آخر ويوسع الخرم.. نسد الخرم ولا نفتحه.. رسّونا على بر!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف