لم يكن اليوم الدراسي قد انتهي عندما دسها صديقه في جيبه.. ابتسم وأدرك انها تذكرة المباراة التي ينتظر حضورها منذ عدة أسابيع.. يعلم أن والد صديقه هذا من الواصلين وأن تذاكر المباريات تصله حتي مكتبه.. لكن عليه ألا يخبر أحدا لأن التذاكر محدودة وقد وزعت في صورة دعوات ممن تخيل انه صاحب الفرح والوحيد الذي يمنح ويمنع ورقة المرور الي المدرجات.
بفرحة المراهقين اتجه الي البيت ملوحا لأمه بالتذكرة. رفض الانصياع لنصائحها بالبقاء ومشاهدة المباراة عبر الشاشات.. أكد لها أن مدرس الكيمياء أجل لهم الدرس في المركز التعليمي المتاخم للمدرسة حينما طالبوه بذلك حتي يتسني لهم الذهاب مبكرا لملعب المباراة.. انصاعت الأم لابنها. فهي تعلم ان حلمه في اللعب تحطم منذ اخفق في اجتياز اختبارات النادي وبعدها تحول حلمه وطاقته لتشجيع فريقه الذي يحبه منذ طفولته.. الأم تدرك ان وجوده بين مصاف المشجعين يشبع رغبته ويكمل حلمه المنقوص. وتعلم ايضا انه من الطيبين البارين بها وبأبيه وشقيقتيه. فلم ترد ان تعكر صفو بهجته.. أيقنت أن عليها مجاراته في هذه السن المعروفة بالمراهقة لعلمها أن ذلك اللفظ انما اطلق علي فترة مابين الطفولة والشباب لأن الفتي فيه يرهق كل من حوله.. فقط طالبته بارتداء ملابس ثقيلة تقي نحافته من البرد. كما طالبته بالحذر والابتعاد عن أي تجمعات أو مظاهرات لأنهم كعائلة لايحبون السياسة أو الانتماء لأي من روافدها.. مع صافرات الرفاق في الشارع هرول متعجلا وهو يرتدي فانلة النادي ويلملم حاجياته الصغيرة بما فيها الشعار.
غمرته السعادة وهو في طريقه الي الملعب.. كان يشدو مع رفاقه بأهازيج النصر واذا توقفوا يتحدثون عن تتويج منتظر ومتاح لفريق ناديهم المتعطش للألقاب.. قبل الأقتراب من الملعب أخرج تذكرته.. لوح بها سعيدا وقرر ان يدخل بشكل شرعي من الباب.. لكنه لم يكن يدرك أن ذلك الباب لايفتح علي الملعب.. كان الي العالم الآخر حيث تستقر الاجساد تحت التراب.. لم يكن يعي - كغيره من الرفاق - انه لن يشاهد هذه المباراة وان التذكرة التي حصل عليها.. كانت الي المقبرة.