جاءت الرسالة من حلوان. تخص فتي يشير اسمه إلي وجوده في زوايا النسيان. طلب والده مساعدته ليكمل مشواره التعليمي وينتقل من مكان إلي مكان. ولا بأس أن نمر علي العين القريبة. التي حلمت عدة أسماء: عيون آن. وخضرة وعين حلوان.
نشرت هذه الرسالة في 19/4/1994 تحت عنوان "دراجة للمنسي" قال صاحب الرسالة إنه يعول أسرة من 8 أفراد ويقيم بحلوان. وعنده طفل عمره 9 سنوات. اسمه المنسي. لا يستطيع الحركة منذ ميلاده. ويحتاج إلي من يحمله يوميا بين البيت والمدرسة. وتجري له عمليتان جراحيتان عند وصوله 15 سنة يتكلف يوميا 50 قرشا في المواصلات نناشد المسئولين وأهل الخير مساعدة ابنه بدراجة مجهزة تساعده علي الذهاب إلي المدرسة.
واسم المنسي من الأسماء التي يطلقها البعض علي أولاده خوفا عليهم من الحسد أو الموت المبكر "والأعمار بيد الله". يعني الاسم الشخصي الذي لا يذكره أحد أو يتذكره.
وفي الذكر الحكيم علي لسان السيدة مريم البتول - رضي الله عنها - أم المسيح عيسي "عليه السلام" عندما جاءها المخاض "يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا" "مريم 23".
ورجل نسيان: أي كثير النسيان. وفي مصر عائلات وأفراد يحملون اسم المنسي. والمنسي عشيرة أردنية معروفة. وقرية فلسطينية دمرها الصهاينة سنة 1948 "قريبة من حيفا" ولاتزال أطلالها قائمة حتي اليوم. وتنسب إلي أحد أولياء الله الصالحين. ومعظم أبنائها من المسلمين التركمان. جاءوا مع صلاح الدين الأيوبي لتحرير المسجد الأقصي.
وعين حلوان من أشهر العيون المعدنية في مصر. تصل فيها نسبة الكبريت إلي 27%. ويتحدث الناس والدراسات العلمية عن خصائصها في علاج الكثير من الأمراض خاصة الجلدية والروماتيزم والمفاصل. علي بعد 4 كيلومترات من النيل تقريبا. وفوق مستواه بثلاثة وثلاثين مترا.
سميت في العصر الفرعوني عين آن وقال الناس آنذاك إنها خير وبركة من الآلهة واستمرت سنوات طويلة حتي طمرت.
عاد الاهتمام بها في عصر الوالي الأموي عبدالعزيز بن مروان "والد الخليفة عمر بن عبدالعزيز خامس الخلفاء الراشدين".
انتشر الطاعون في الفسطاط. نقل العاصمة إلي حلوان 690م. وانتشر العمران بها وكذلك البساتين. وانتقلت إليها ثكنات الجيش والدواوين.
عاد الاهتمام بها في العصر الحديث في عصر الوالي عباس الأول بن محمد علي "1849" وعسكرت بعض كتائب الجيش بالقرب منها.
أصيب عدد من الجنود بمرض جلدي خطير وتجول أحدهم بالمكان ووصل إلي العين واغتسل بمائها فتحقق له الشفاء بإذن الله وكرر زملاؤه ما فعل عندما وصلهم الخبر.
وفي سنة 1868 أرسل الخديو إسماعيل لجنة لدراسة العين الكبريتية. وتم إنشاء منتجع انتهي العمل فيه 1871 وأقيمت الخيام للاستشفاء وأشرف عليه الدكتور رايل الذي أجري بحوثا حول الخصائص العلاجية لمياه العين. في 1889 تأسس كبريتاج حلوان كمركز علاجي في عهد الخديو توفيق وفي سنة 1899 افتتح الخديو عباس حلمي الثاني مركز حلوان للعلاج الطبيعي وأنشئت حول العين حمامات وحجرات.. 38 حجرة بعضها للنساء وشاليهات. وشيد المركز علي الطراز الإسلامي.
وتحيط به حديقة 15 فدانا وتتكون العين من 11 بئرا. تنتج بعضها 400م3 يوميا نشأ حولها حي سكني يحمل اسمها. ومحطة للمترو وقعت تعديات عليها في السنوات الأخيرة.
يطلق البعض علي إحدي عيونها: عين الست خضرة. جاءت في المنام لسيدة مريضة بمرض جلدي ونصحتها بالاغتسال بمائها فشفيت بإذن الله.
أرجو أن تكون مشكلة طفل حلوان قد وجدت طريقها إلي الحل وأن يكون الآن في أحسن حال. كما أرجو المزيد من الاهتمام بالعين الكبريتية وتحويلها إلي مركز كبير للاستشفاء والسياحة العلاجية.