خالد توحيد
مافيش جمهور.. إن كان عاجبكم
لا أستطيع أن أمنع نفسي من الاعتقاد، بأن ما جري خارج ملعب الدفاع الجوي قبل مباراة إنبي والزمالك، هو أمر مقصود ولا تنقصه حسن النية، ولا يمكن أن يمر عندي مرور الكرام، ولو حدث وأقسم أحد بغير هذا.. ما صدقته، ولا يمكن أن يقنعني بأن المسألة عفوية أو وليدة الموقف، وأيًا كان من تسبب في الأحداث، التي شهدت اشتباكات مع الشرطة، وحرق سيارة، وكرًا وفرًا، فهي تندرج عندي تحت بند الأفعال المقصودة.. ولعلها تأتي أيضا ضمن محاولات إثارة القلق والتوتر في كل اتجاه، فما هو المبرر لكل هذا؟
هل الرغبة في حضور مباراة؟ لو كان الأمر كذلك فملعون الكرة، وملعون الدوري، ولو كان ما جري هو نوع من الانفعال لسبب أو آخر، فليفعل الشطار الذين ارتكبوا مثل هذه الجرائم مثل هذه الخطايا عند بابا وماما، باعتبارهم مازالوا يأخذون المصروف منهم، ولم يعرفوا بعد معني المسئولية تجاه الوطن، والحفاظ عليه، وعدم إلحاق الضرر به وبمنشآته! كثير من الشكوك والظنون تأخذك بعيدًا حين تتابع مثل هذه الأحداث الوضيعة، ولا يمكن إلا أن تعلن بكل ثقة أن المقصود هو تعطيل عودة الجمهور للمدرجات، وتصدير صورة عن وجود توتر، وعنف، وعدم استقرار، وأن الشارع يعاني من الفوضي والأحداث الدامية، وهو أمر غير صحيح، ما يحدث مؤامرة.. بكل معني الكلمة، ومع أنني لست من أولئك الذين يؤمنون بالتفسير التآمري، ولكنني أمام هذه الواقعة تحديدًا ليس أمامي سوي توجيه الاتهام بالتآمر، وهذا وحده يكفي جدًا لكي تشعر بالغضب، والضيق، والقرف، أما أن يكون هذا التآمر مقرونًا بقدر غير طبيعي من الغباء، بعد أن استعجل من فعلوا هذه الفعلة في قلب الطاولة علي الجميع من أول مباراة يفترض عودة الجمهور فيها للمدرجات، فهذا ما يدفعك إلي الإحساس بمزيد من الغثيان، والرغبة في القيء في وجوه متآمر وغبي!! جتكم القرف نفر نفر..
..................................
<< يحدث في كثير من الأحيان أن تعاني البرامج والاستوديوهات التحليلية لمباريات الدوري من كثرة الوقت المتاح مع فراغ رهيب في المحتوي، فتكون النتيجة ملء هذا الوقت بأي موضوع كان، وكان من سوء حظ الناس المحترمين المستنيرين أن يتعرضوا لمثل هذه النوعية من المحتوي، فيصيغ هؤلاء الضيوف والمحللون عقول المشاهدين، ويصنعون قناعاتهم، وتوجهاتهم، وكان موضوع عودة الجمهور للمدرجات من بين الموضوعات، التي شغلت بها البرامج واستوديوهات التحليل كثيرًا من أوقات فراغها، وبدا من الكلام، الذي كان يتكرر كل يوم تقريبًا، أن الجمهور في المدرجات ضرورة لابد منها، وأن الكرة ستموت في غيابه، وكان من الطبيعي أن يضغط هذا المحتوي علي صانع القرار، مع أن الكلام خايب جدًا، وليس له أدني ظل من الحقيقة، ولو كانت المصلحة العامة تقتضي عدم حضور الجمهور فلتكن المصلحة العامة هي الأهم والأبدي وأن تكون لها الأولوية فوق كل الأشياء لا جمهور ولا غيره.. بلاش تهريج! كثير ممن كانوا يروجون لقصة عودة الجمهور ينتمون لفصيل الهواة في الصنعة.. أيًا كانت الصنعة، فنيات كرة أو إعلام أو غيره، والدليل هو أن من يعملون في الصحافة، كانوا شهودًا لسنين طويلة علي خواء المدرجات وغياب الجمهور عنها دون قرار، أو منع قصري، وأذكر أننا في الأهرام الرياضي أجرينا أكثر من تحقيق عن غياب الجمهور عن المدرجات،
"يعني الجمهور ماكنش بيروح مباريات كرة القدم من الأصل"، وكانت المباريات التي يذهب الجمهور للمدرجات من أجلها لا تكاد تزيد علي عشر مباريات، ولكن عندما صار عدم حضور الجمهور ممنوعًا.. بات مطلوبًا ومرغوبًا، والإلحاح عليه لا ينقطع ليل نهار.. شيء سخيف، يكشف عن مستويات تفكير متواضعة، وعقول مغيبة، وسلوك قطيعي.. يردد فيه شخص ما قاله شخص آخر.. ولو سألت أحدًا منهم ــ بعد أن وقع كل هؤلاء الضحاياــ ما رأيك؟ سيغسل يديه من الدعوة لعودة الجمهور، بل ربما سيؤكد أنه كان مع عدم عودته أبدًا.. منتهي الانحطاط!! تعبت والله..
................................
<< بعد غياب سنوات.. عدت من جديد إلي دولة الإمارات، مدعوًا لحضور مهرجان سلطان بن زايد التراثي، والذي سبق لي حضوره قبل ما يقرب من 7 سنوات، وما بين زيارتي السابقة وزيارتي الأخيرة.. كان لابد أن تتملكني الدهشة كيف صار شكل الحياة في الإمارات.. شيء رائع يفوق الخيال، لمسات الجمال والتحضر تلف الأجواء من حولك، لا شيء خاضعًا للمصادفة، أجواء مثالية كان ذروتها المدهشة أنك لم تسمع ــ ولو لمرة ــ صوت سيارة يستخدم قائدها آلة التنبيه.. بينما عند بيتي يقوم سائق سيارة النقل باستخدام السارينة لإطلاق ألحان مزعجة في الرابعة صباحا!!