فى مطلع عام 2004 وبينما تتوالى التداعيات السلبية والدموية لجريمة الغزو الأمريكى للعراق عام 2003 صدر تقرير بالغ الأهمية لكبار محللى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية «سى. آى. إيه»
أكدو فيه أن ما يجرى فى العراق من عمليات قتل وسفك للدماء سوف يمتد إلى العديد من دول الشرق الأوسط وبما يعنى استمرار واتساع حالة القتل والأشلاء حتى عام 2020 حيث تبرز حالة صراعية جديدة هى القوة الديموجرافية فى مقابل العسكرية.. لكن مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية فى عهد بيل كلينتون نفضت عن وجهها وصوتها غبار النسيان وخرجت عن صمتها لتقول لمحللى الوكالة المركزية إن العامل الكمى يظل هامشيا فى أى صراع ــ ربما لكى تطمئن إسرائيل الخائفة والمذعورة ــ مشيرة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية التى يربو عدد سكانها على ربع المليار نسمة هى الأقوى عن الصين التى تتفوق عليها ديموجرافيا بخمسة أضعاف على الأقل، وكذلك الهند هى مخزن هائل للبشر الذين لم يغادروا بعد العامل «الكمي» إلى العامل «النوعي» وقد يراوحون فى المكان والزمان إلى يوم القيامة.
وبصرف النظر عن تباين وجهات النظر واختلاف الرؤى بين تحليل المخابرات المركزية وتقديرات وزارة الخارجية الأمريكية قبل أكثر من 10 سنوات فإن الذى يمكن استنتاجه أنه منذ هذا التاريخ وربما قبله بسنوات تجرى فى واشنطن وعدد من العواصم الحليفة مراحل الإعداد لـ «طبخة ما» يراد لها أن تنطبخ على نار هادئة برعاية الشيف الأمريكى... وليس ما تشهده دول المنطقة منذ عام 2011 وحتى اليوم سوى بعض نتائج هذه الطبخة وما أحاط بها من روائح شياط كريهة ومزعجة على امتداد العالم العربى.

ويرصد المرء شواهد على اشتراك أطراف إقليمية فى تعلية وتخفيض درجة نيران مواقد «الطبخة» أهمها مناخ البراجماتية السياسية فى إيران الذى بلغ ذروته بتوقيع الاتفاق النووى وفتح المنشآت المشعة أمام التفتيش الدولي.. وأتعجب من الذين يتصورون أن المشكلة كانت فى صدام حسين أو معمر القذافى اللذين أزيحا قتلا أو فى بشار الأسد حليف إيران وهل يرحل أم يبقى... من فضلكم لا تدفنوا رؤوسكم فى الرمال!

خير الكلام :

<< شموس الحقيقة لا تراها كل عين!