الوطن
د. محمود خليل
قنبلة «الجبالى»
كلام خطير -انفجر مثل القنبلة- جاء على لسان المستشارة تهانى الجبالى، المنسق العام لقائمة التحالف الجمهورى، فى المؤتمر الصحفى الذى عقدته يوم الاثنين الماضى، واتهمت فيه قائمة «فى حب مصر» بعقد صفقة مع الولايات المتحدة الأمريكية لإعادة جماعة الإخوان المسلمين إلى الحياة السياسية. وأضافت أن قيادات «فى حب مصر» اجتمعوا مع شخص يدعى محمود صبرى، قالت إنه مموّل الإخوان بالكويت، للحصول على أصوات الإخوان نظير إعادتهم للمشهد السياسى. استمعت إلى وقرأت ردود عدد من قيادات «فى حب مصر» على «الجبالى»، فوجدت أن التراشق بالألفاظ والتنابذ بالألقاب يسيطر عليها، نعم كان هناك نفى من جانب رموز القائمة، لكنه نفى فى المطلق، وغير مدلل عليه ببراهين قاطعة، تدحض ما ذكرته المستشارة التى عرضت فى مؤتمرها الصحفى صوراً تزعم أنها تجمع اللواء سامح سيف اليزل مع عدد من قيادات الإخوان بالكويت.

ليس من السهولة بمكان تقبل فكرة أن قائمة «فى حب مصر» تنسق مع الإخوان، أو تبحث عن مصالحة معها، لأنها ببساطة محسوبة على رئاسة الجمهورية، ومدعومة كما يعلم الجميع من الدولة وأجهزتها. وتقبل هذه الفكرة يعنى بالتبعية التسليم بفكرة أن الدولة وقيادتها السياسية لا تمانع فى إبرام مصالحة من نوع ما مع جماعة الإخوان. المقلق فى الأمر أن كلام «الجبالى» انطوى على قدر كبير من الثقة فيما تقول، ولو صحت روايتها فعلينا أن نسلم جميعاً بقاعدة: «لا يوجد فى السياسة عداوات دائمة ولا صداقات دائمة، ولكن توجد مصالح دائمة». ويدعم الإحساس بالقلق أيضاً النتائج التى تمخضت عنها المرحلة الأولى من انتخابات «النواب»، وكذا النتائج التى أسفرت عنها المرحلة الثانية حتى الآن. تقول هذه النتائج إن «جماعات المصالح» من فلول وأذناب الحزب الوطنى، ورجال الأعمال، ورجال أجهزة الدولة، هم الكتلة الأكبر والأهم التى تتشكل حولها خريطة النواب الجدد. ومن المهم ألا نغفل حقيقة أن جماعة الإخوان لها أذرع مالية وإعلامية وكذا داخل أجهزة الدولة، الأمر الذى يحتمل معه أن يكون لها نصيب أو سهم فيما هو قادم، طالما كان صوت المصالح هو الأعلى.

المصالح تتصالح، وما أكثر ما تعاركت أنظمة الحكم فى مصر بعد ثورة يوليو 1952 مع جماعة الإخوان، وانتهى بهم الأمر إلى التصالح، وإبرام الصفقة تلو الصفقة، وقد تواصل هذا النهج بعد ثورة يناير 2011، لذلك من المهم أن يؤخذ كلام المستشارة «تهانى الجبالى» بعين الاعتبار، فرغم الاتفاق على أن الأحداث التى شهدتها مصر بعد 30 يونيو 2013 لا تجعل الطريق ممهداً لإحداث مصالحة بين الجماعة والسلطة الحالية، فإننا يجب ألا نغفل عدة حقائق «مصالحية» تبرر إمكانية التصافق بين أدوات النظام الحالى والإخوان: أولها أن كليهما يدير بمنطق المصالح، وليس المبادئ الثابتة، ولغة المصالح -حتى لا نظلم أحداً- هى لغة السياسة، وثانيها أن هناك قوى دولية تدفع فى هذا الاتجاه، يأتى على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وقد أشارت «الجبالى» فى كلامها إلى ذلك، وثالثها أن هناك قوى إقليمية على رأسها المملكة العربية السعودية تتبنى هذا الطرح، وتضغط على صانع القرار فى اتجاهه، عموماً كل مخادع لهذا الشعب لن يلقى فى النهاية سوى الخسارة!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف