الأخبار
أحمد السرساوى
الخارجية المصرية.. متي تدعو لمؤتمر دولي كبير حول صراعات المياه ؟!
أشفق كثيرا علي د. حسام مغازي وزير الري وهو يصدق نفسه في جدوي اللجان ومباحثات الغرف المغلقة بين مصر والسودان وأثيوبيا، في الوقت الذي تتسرب فيه القضية من بين يديه.. بصراحة الموضوع أكبر بكثير من وزارة الري ومن الوزير المغازي، فالخلاف «الفني» والهندسي حول السد، كلام عقيم يسمح بالجدل والأخذ والرد وحكاوي القهاوي ومضغ الوقت بلا طائل، دوامة كلام أشبه بما فعلته إيران مع الغرب حتي أتمت مفاعلها النووي في بوشهر.

وحتي أكون منصفا.. فإن تفريطنا في حصتنا من النيل (55 ونصف مليار متر مكعب سنويا) لم يبدأ مع الوزير الحالي، بل يمتد لآخر 15 سنة من عهد مبارك وتحديدا بعد رحيل الراحل العظيم د. عبد الهادي راضي وزير الري الأسبق عام 1996، وجنوح معظم وزرائنا بعد ذلك (عددهم سبعة) للطمأنة فوضعوا في بطوننا وبطونهم «بطيخة صيفي» كبيرة بأن كل شيء تمام وتحت السيطرة، وأن شدة انحدار الهضبة الأثيوبية لن تمكنهم أبدا من بناء أي سدود في المنطقة وأن التدفق الهادر لشلالات المياه سيجرف أي محاولة لترويضها، وتجمدت هذه الفكرة طويلا في أذهان معظمهم حتي تخدرنا بها ودخلنا في أكبر عملية تنويم مغناطيسي، في وقت كان يشهد البدايات الأولي لاتفاقية عنتيبي التي تكتلت بموجبها باقي دول حوض النيل الثمانية (قبل انفصال جنوب السودان) ضد دولتي المصب مصر والسودان،..وتوافق مع كل ذلك تغيرات حادة في السياسة الدولية وإعادة رسم خريطة المصالح العالمية وتوغل اسرائيلي في منابع النيل، صاحبه غزو ايراني واخواني للسودان الشقيق، ثم اندلعت الثورة المصرية في 25 يناير 2011 فانشغلنا.. فكان التوقيت مواتيا لأشقائنا في أثيوبيا لتخطي كل الاتفاقيات والبدء فورا في بناء السد حتي استيقظنا فجأةعلي الكابوس الذي نعيشه اليوم وقد شب السد عن الطوق ودخل مرحلة الاكتمال.

نعم.. بالتأكيد هناك جهات كثيرة في مصر تعمل علي الملف.. لكنني أستغرب الكتمان المحيط بالقضية.. وأتساءل لماذا نغلق عقولنا علي أنفسنا ولا نسمع أفكارا من العالم.. لماذا لا تسرع خارجيتنا بتشغيل كل طاقتها الدبلوماسية لعقد مؤتمر دولي قريب تدعو فيه خبراء من الأمم المتحدة وكبار فقهاء القانون الدولي في العالم وأساتذة هندسة السدود وأيضا عدد من المفكرين والباحثين المهتمين والدبلوماسيين والاعلاميين لطرح قضيتنا ومناقشتها في العلن بطريقة علمية وبصوت مسموع، فقضيتنا عادلة وهي مشكلة دولية وتخص غالبية الدول المتشاركة في الأنهار..نحن نريد الخير لإخوتنا في أثيوبيا وحقهم في التنمية لكننا أيضا لا نريد الموت عطشا ونحرص علي البقاء والحياة والتنمية ولا نريد أن نصل للطريق المسدود.. وأعتقد أن العائد من المؤتمر سيكون أفضل ألف مرة من اللجان التي تضيع وقت د. مغازي !!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف