الجمهورية
د. أحمد جاد منصور
مصر في انتظار عام 2027
وقعت مصر الاتفاقية النووية مع روسيا لاقامة محطة الضبعة النووية لتوليد الطاقة الكهربائية.. حيث تم توقيع مذكرة التفاهم بين كل من الرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس الروسي بوتين في فبراير .2015
وتتكون المحطة من أربعة مفاعلات نووية. وكل مفاعل سوف يوفر طاقة مقدارها 1200 ميجاوات عقب الانتهاء من انشائها وتشغيلها.. وستقوم روسيا بتوفير "80%" من المكون الأجنبي. علي أن توفر مصر "20%" من المكونات المطلوبة.
والجدير بالذكر أن انجاز المحطة سيتم في وقت غير مسبوق.. حيث سيتم الانتهاء من المفاعلين الأول والثاني بعد "9" سنوات منذ بدء الانشاء في يناير القادم. كما يفتتح المفاعلان الثالث والرابع في العامين العاشر والحادي عشر.. علماً بأنه قد تم بالفعل البدء في أعمال الرفع المساحي وحضر بالفعل عدد من الخبراء الروس للبدء في الأعمال التحضيرية وتم توفير كافة التجهيزات المطلوبة لهم.
ونؤكد علي أن العرض الروسي يتوافق مع أحدث معايير الأمان الدولية في استخدام الطاقة النووية. ويسهم في التقليل من الانبعاثات الحرارية الناتجة من الوقود التقليدي وبالتالي يحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.
ورغم أنه كانت هناك عروض أخري لاقامة المحطة من قبل كل من الصين وكوريا.. إلا أن مصر قد فضلت العرض الروسي لأن روسيا هي الدولة الوحيدة في العالم التي لم تتوقف عن انشاء وتشغيل المحطات النووية لتوليد الكهرباء علي أراضيها. وكذا في دول أخري عديدة لمدة "70" عاماً مستمرة.
كما أن القدرات الروسية تتوافق مع معايير الأمان النووي الدولية ولا يؤثر في ذلك حادث تشرنوبيل لأنه ثبت أنه خطأ في التشغيل وليس خطأ في التصميم أو الانشاء.
كما أن العرض الروسي في الحقيقة كان متكاملاً تضمن عدداً من برامج وآليات تدريب وتأهيل الكوادر المصرية. وأتاح للجانب المصري فرصة حقيقية للمشاركة في التصميم والانشاء وتجارب بدء التشغيل ونقل التكنولوجيا.. كما قدم أفضل الشروط التمويلية من خلال قرض حكومي لانشاء المحطة بمفاعلاتها الأربعة بأسعار تقل بشكل واضح عن متوسطات السعر العالمي.. كما قدم تسهيلات غير مسبوقة في السداد علي مدار "35" عاماً من تاريخ بدء التشغيل وبفوائد مخفضة.
وتجدر الاشارة الي أن الموقع الذي تم اختياره في منطقة الضبعة بمحافظة مرسي مطروح سيتم تقسيمه الي ثلاثة مواقع.. يخصص الأول لاقامة المحطة النووية لتوليد الطاقة الكهربائية. والثاني يخصص لانشاء المدرسة النووية الفنية. والثالث يتم تخصيصه لاقامة مدينة جديدة للمتضررين من قرار نزع الملكية من أراضيهم التي سيتم عليها اقامة المحطة النووية. والتي تبلغ مساحتها حوالي "12.800" فدان.
وسيتم اقامة المدينة علي مساحة حوالي "2400" فدان تحتوي علي "1500" منزل بدوي يلائم ظروف الحياة البدوية. تنتهي خلال النصف الأول من عام 2016 بتكلفة تقدر بحوالي مليار جنيه تقوم بتنفيذها القوات المسلحة المصرية الباسلة التي تؤكد كل يوم وكل ساعة أنها فعلاً يد تدافع ويد تبني.
أما مدرسة الضبعة النووية الفنية سيتم افتتاحها بعد عام. ويلتحق بها في أول دفعة "160" طالباً من أبناء الضبعة ومطروح حيث سيكون لهم الأولوية في الالتحاق بها. وستكون الدراسة بها داخلية.. تحتوي علي معامل تقنية ووحدات تدريب "سيمبوليتر" تشبه ما يتم عمله داخل المحطات النووية. كما سيتولي بعض الخبراء الروس تدريب طلبة المدرسة.
ولاشك أن انشاء هذه المحطة سيحقق الكثير من الأهداف لمصرنا الحبيبة أولها علي المستوي السياسي لأنه يؤكد الإرادة المصرية علي التنمية والتقدم. كما يؤكد عمق العلاقات ومتانة الشراكة الاستراتيجية بين مصر وروسيا ويرد علي كل المتآمرين والمتربصين بمصر أن مستوي العلاقات بين البلدين أقوي وأعمق بكثير من أي حوادث فردية.
وعلي الصعيد العلمي فإن هذا المشروع يدخل بمصر الي عالم الاستخدامات السلمية للطاقة النووية ويساعد علي دعم التنمية وبناء الدولة علي أسس علمية. وسيوفر قدراً كبيراً من الطاقة. إضافة الي أنه سيتم استيعاب الكوادر المصرية المدربة الموجودة بهيئة الطاقة الذرية وتأهيل كوادر بشرية جديدة واستعادة الكوادر المصرية العاملة بالخارج.
وعلي المستوي الاقتصادي فإن المشروع يتيح لمصر تنويع مصادرها من الطاقة البديلة. ويقلل من الاعتماد علي البترول والغاز لأنها مطلوبة بدرجة أكبر في صناعات أخري مثل صناعة الأسمدة والبتروكيماويات. كما أنه يجنب مصر تقلبات أسعار الطاقة العالمية من البترول والغاز. كما أنه يقلل من تلوث البيئة ويحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.
ولاشك أن هناك خطة شاملة لتطوير منطقة الضبعة لأنه سيقام بها العديد من المشروعات والصناعات التي لها صلة بانشاء المحطة وتبلغ حوالي "40" نوعاً من الصناعات للمكونات المطلوبة للمحطة والتي ستقوم مصر بتوفيرها.. وهو الأمر الذي سينهض بالصناعة المصرية لأن منتجات هذه المصانع يشترط أن تكون مطابقة في جودتها للمواصفات العالمية.
وختاماً: نوجه التهنئة للشعب المصري علي البدء في هذا المشروع وكل التحية لأهالي الضبعة علي موقفهم الوطني ودعمهم لاقامة هذا المشروع الوطني العملاق.. ولاشك أن هذا الموقف كان سنداً شعبياً وطنياً للسيد/ عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية في اصداره قرار انشاء هذا المشروع.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف