مؤمن الهباء
لا.. لإلغاء الطلاق الغيابي
وصلتني رسالة "معارضة" من المواطن السكندري السيد شلبي تعليقا علي ما نشرته في "شهادة" يوم 15/10/2015 بعنوان "إلغاء الطلاق الغيابي" ويوم 18/11/2015 بعنوان "ضد الطلاق الشفوي" بناء علي تجربة شخصية.
تقول الرسالة:
أختلف معكم بشأن ما جاء في المقالين المنشورين بجريدتنا الغراء "المساء" حول اقتراح إلغاء الطلاق الغيابي ضمن 15 مادة مزمع تعديلها في قانون الأحوال الشخصية وتستعد المنظمات والجمعيات الخاصة بالمرأة لعرضها علي البرلمان القادم.. أنا ضدها قلبا وقالبا عن تجربة شخصية.. حيث صادفني سوء الحظ في اختيار شريكة حياتي.. وبعد معاناة شديدة استمرت 8 سنوات زواج رافقني شاهدا عدل إلي المأذون وقمت بتطليقها.. وقد فتحت النار عليّ بعد ذلك من كل صوب وحدب لمجرد أنني تجرأت واتخذت قرار الانفصال لكنه كان المخرج الوحيد أمامي.
ولا استطيع أن أعلق علي "الطلاق الشفوي" وإن كنت أري وقوعه لأنه بين العبد وربه.. ويحسب طلقة واحدة وان تكرر لفظه.. والزوج يتحمل تبعاته.. وإن كان الرأي الأصوب هو رأي الشيوخ والمسئولين عن الفتاوي الدينية.
أما بخصوص الطلاق الغيابي التي تود المنظمات النسائية إلغاءه في التعديلات الجديدة فإننا نقرأ بين الحين والآخر عن نماذج شاذة وقليلة في المجتمع لكنها موجودة أن زوجة هربت من زوجها لتقيم مع عشيقها.. أو زوجة أخري هربت من زوجها وتزوجت بآخر عرفيا وهي علي ذمة الأول.. فكيف لهذا الزوج المغلوب علي أمره أن يأتي بها - كما يطلبون - لكي يصحبها معه إلي المأذون ليطلقها.. إن هذا التعديل الجديد الذي يطلبونه يحمل الزوج تصرفات تلك الزوجة الشاذة ووصمة العار التي لحقت بها إلي أن تعثر الشرطة عليها بالمصادفة بعد فترة طويلة من الزمن ليصحبها إلي المأذون ويطلقها.. وهنا يكون الطلاق الغيابي هو أقل الأضرار وإن كان أبغض الحلال لأن فيه النجاة.
هناك نموذج آخر.. إذا رفضت الزوجة الوفية الطيبة ذات الخلق الحسن الطلاق فلن تذهب بصحبة الزوج إلي المأذون إذا كان هذا الزوج لسبب أو لآخر لا يطيق العيش معها حتي وإن كان هو السيئ فإن الحياة تصبح مستحيلة بينهما مما قد يدفع طرفا إلي أن يقتل الآخر كما نقرأ ونسمع أحيانا عن قتل الأزواج لزوجاتهم أو قتل الزوجات لأزواجهن.. وتنتهي الحياة الأسرية بمأساة يحمل عارها الأبناء حينما يموت طرف ويدخل الآخر السجن.
قد يقول المدافعون عن إلغاء الطلاق الغيابي إن الزواج تم بالاشهار والإعلان ولابد أن يتم الطلاق أيضا كذلك.. وأرد علي هؤلاء بأن ذهاب الزوج والشاهدين إلي المأذون الذي هو موظف عام ومنوط به اخطار الزوجة بالطلاق خلال 15 يوما وبإنذار علي يد محضر وهو الآخر موظف عام.. أليس في ذلك كله إشهار للطلاق؟!
انتهت رسالة الأخ السيد شلبي.. ولي عليها 3 تعليقات سريعة: الأول أن تعذر حضور الزوجة جلسة الطلاق لأي سبب يمكن الاستعاضة عنه بحضور وليها الشرعي أو وكيلها.. الثاني إذا تعذر حضور الزوجة أو الولي.. الوكيل.. وثبت تهربهما قصدا من خلال المأذون خلال مدة محددة هنا يحق للمأذون أن يوقع الطلاق في الوثيقة وإثبات التهرب.. الثالث ان الهدف من وقوفنا إلي جانب عدم الاعتداد بالطلاق الغيبي أو الشفوي هو محاولة الحد من حالات الطلاق التي كثرت في المجتمع إلي حد مخيف لأسباب غير موضوعية ولحفظ كرامة الرجل والمرأة معا.. وإشاعة ثقافة التفاهم والتعاقد والقدرة علي فسخ التعاقد بشكل محترم.. ليس الهدف تقييد المباح ولا تصعيب الطلاق أبدا.. فتصعيب الطلاق مثل تصعيب الزواج غالبا ما تكون له عواقب وخيمة.
والله من وراء القصد وهو سبحانه يهدي إلي سواء السبيل.