المساء
محمد جبريل
من المحرر
دار حوار بين الزميل المبدع محمد حربي وبيني عن حظ الابداع في صحف هذه الأيام.
سأل حربي عن البديل أو الاستمرار لملحق المساء الأدبي الذي كان يشرف عليه الرائد الجميل عبدالفتاح الجمل.
أشرت إلي الحصار الذي تعانيه المواد الأدبية في صحف زماننا الحالي. نشرت جريدة المصري ـ وهي جريدة سياسية مهمة ـ في خمسينيات القرن الماضي. قصة بمساحة الصفحة الأولي للأديب الكبير سعد مكاوي. وكان المعلم الأهم لكتابات تلك الفترة وما تلاها. كتابات كبار المفكرين والمبدعين. وكانت "الجمهورية" بالتحديد مجالاً لأقلام طه حسين ومندور والخميسي ومكاوي وسامي داود ونعمان عاشور وإدريس وعباس صالح والشرقاوي وسعد الدين وهبة وغيرهم.
مثل ملحق المساء الأدبي امتداداً لتلك المرحلة المهمة من إسهامات دار التحرير في الحياة الثقافية. قدم الكثير من مبدعي جيل الستينيات ودارسيه: حافظ رجب وحجاب والغيطاني والأبنودي والقليوبي وصبري حافظ ومحسن يوسف والبساطي وغيرهم ممن بلغوا قمة الابداع المصري في العقود التالية.
إذا كانت ظروف ما بعد الستينيات قد فرضت الاحتجاب علي ملحق المساء. وحين أعيد فانه تعرض لمتاعب غريبة وتدخلات ووصاية حتي أدركته الوفاة. إذا كانت تلك هي النهاية القاسية لملحق المساء في مرحلته الثانية. فلعلي أجد في ندوة المساء امتداداً حقيقياً لاسهامات دار التحرير في الحياة الثقافية. قدمت الجمهورية في الخمسينيات وأوائل الستينيات أهم كتابات تلك الفترة وأتاح ملحق المساء لرموز الستينيات أن يعبروا عن الجيل الأدبي. ويحققوا بكتاباتهم أجمل عقود الابداع في ثقافتنا الحديثة.
ندوة المساء فتحت أبوابها للجميع. من يجد في نفسه موهبة يقرأ إبداعه. وتدور مناقشات موضوعية وجادة. وكان ذلك هو البداية لما تحفل به الساحة الثقافية الآن من أسماء صارت ندوة المساء علامة علي جيل من المبدعين والنقاد. ميزته الأهم أنه جاوز التقدم إلي المحرر الثقافي في الجريدة. حيث يخضع للمناقشات في صورة ورشة ويجد سبيله إلي النشر ما تتفق عليه غالبية الآراء. وكانت تجري ـ في بعض الأحيان ـ مسابقات داخلية بين أعضائها يحصل العمل الفائز علي جائزة بضعة كتب. وعلي حق النشر في الجريدة.
أجد في ندوة المساء تعويضاً عن اختفاء الملحق الأسبوعي ولعلي أجد فيها امتداداً رائعاً للملحق لأنها أخضعت الاعمال المقدمة لمناقشات من كبار النقاد والسائرين في أولي الخطوات. ورشة قراءة حقيقية. تنتهي باختيار الأغلبية ـ فالاجماع نادر ـ لما يستحق النشر بالفعل.
انعكس الانجاز الذي حققته ندوة المساء. في الوقفة النبيلة من أعضائها ـ هم الآن نجوم حياتنا الثقافية ـ دفاعاً عن حق المبدع في العلاج. ما يجب أن يتاح لكل مواطن. فلا يقتصر علي عدد محدود من الذين ربما أفادتهم العلاقات الشخصية في تحقيق ما عجز عن إدراكه الآخرون!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف