الأهرام
جمال عبد الناصر
السائق والأستاذ.. رحلة سعيدة
في عصرنا الذي نعيش فيه تراجعت قيم نحن في أشد الحاجة إليها الآن؛ لأنها أساس في بناء الأمم وتربية الأجيال، من هذه القيم قيمة العلم والعلماء، وتحديدًا مكانة أستاذ الجامعة الذي ما زال يعامل بلوائح قديمة ويكافأ بما يشبه الملاليم في أمور من المفروض أن تكون في القمة.
فالإشراف على الرسائل العلمية وما يتقاضاه أستاذ الجامعة مقابل هذا العمل العلمي الشاق مقابل زهيد جدًّا لا يتناسب مع العلم كقيمة، ولا مع البحث العلمي كأداة بناء للأمم والحضارات، وكذلك عدم الاهتمام بأستاذ الجامعة على المستوى الخِدْماتي والعناية به صحيًّا واجتماعيًّا وهذا ينعكس بالطبع على البحث العلمي ومن يشرف عليه.
فمثلا تجد مكافأة الأستاذ الذي يناقش رسالة جامعية مبلغ 200 جنيه! ويتقاضى بدل سفر 36 جنيها، فماذا يفعل الأستاذ المناقش لو كانت هذه الرسالة في الإسكندرية أو في إحدى محافظات الصعيد، حيث إن مكافأته وبدل سفره لن يكفياه أجرة المواصلات!
وهذا الأمر (مكانة أستاذ الجامعة) تبلور في حوار دار بين أحد أساتذة الجامعة وسائق التاكسي، وهذا الحوار.
أشار الأستاذ إلى سائق التاكسي أن توقف ففعل، فركب معه..
وسأل السائق الأستاذ ماذا تعمل؟ بالتأكيد أستاذَا تعمل في الجامعة؟
قال الأستاذ: نعم، ولكن كيف عرفتَ؟
قال السائق: يبدو من هندامك، ثم راح السائق يتحدث قائلا: أنتم مظلومون في هذا المجتمع، فقال له الأستاذ كيف؟
قال السائق: في الدول المتقدمة أستاذ الجامعة له سيارة وسائق يأخذه من باب بيته إلى الجامعة، ولا يتركونه هكذا ينتظر ويضيع وقته الثمين في المواصلات، فهم يهتمون بقيمة العلم والعلماء ولذلك تقدموا ونحن نراوح مكاننا لم نتقدم!! ونهتم باللاعبين والفنانين والفنانات والراقصين والراقصات ولا نهتم بالعلم والعلماء!!
فتعجب الأستاذ من فهم هذا الشاب الذي يعمل سائقًا للتاكسي، وفرح بأن في مصر عقولاً تفهم، وتقدر قيمة العلم، وتعرف أسباب التقدم، وتعرف لماذا تقدم الآخرون وتخلفنا نحن؟ حقا إنها رحلة سعيدة..
فهل يعي القائمون على شئون البحث العلمي في بلادنا هذا الكلام كي ننهض بأمتنا ونرتقي؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف