احمد الشامى
"نعم يا سيدي.. أستطيع أن أرقص"
يعتقد السلطان التركي رجب أردوغان. أن معركته مع القيصر فلاديمير بوتين انتهت بحصوله علي "حبة الشجاعة الأمريكية" وإسقاطه الطائرة الروسية علي الحدود السورية التركية. لكن حقيقة الأمر أنها بدأت إذ لم يعتذر حتي الآن عن إسقاط المقاتلة بعد أن "طعن" كرامة القيصر في "الظهر". وزاد من الشبهات التي تحوم حول دور أنقرة في مساعدة "داعش" وإمداده بالمتفجرات لإسقاط طائرة الركاب الروسية فوق سيناء. فأردوغان يستفيد من استمرار التنظيم الإرهابي في سوريا والعراق وهو نفسه هدف أمريكا. فواشنطن حريصة علي بقاء "داعش" علي قيد الحياة لمساعدته في استمرار تأجيج الصراعات في المنطقة من أجل تقسيمها وبيع الأسلحة للفصائل المتصارعة. خصوصا أن هذه التجارة تعتبر العمود الفقري لاقتصادها الاستهلاكي الرخو الذي لن يتحمل هدوءا في الشرق الأوسط. وأردوغان بهذه الجريمة يقدم نفسه لأوباما علي أنه يستطيع أن يفعل كل شيء من أجل أمريكا.
ويذكرني تصرف السلطان وهرولته إلي أمريكا بعد إسقاط المقاتلة سعيدا بتنفيذ التعليمات. بأفضل أغنية في العالم في نهاية السبعينيات والتي تحمل عنوان "نعم يا سيدي أستطيع أن أرقص" أو بالإنجليزية ¢yes sir i can boogie" للفرقة الأسبانية باكارا. فمن أجل أن ينال رضا واشنطن وتنفيذ مخططاتها. تعلم الرقص. وكان رد أوباما سريعا إذ صفق وطبل له. واتصل ببوتين يبلغه أن من حق تركيا أن تدافع عن نفسها. وكأن هذا الأمر ليس مدبرا وأن أردوغان لم يحصل علي الضوء الأخضر من حلف الأطلسي. وعلي الرغم من تظاهر الدول الغربية بقيادة أمريكا بالسعي إلي القضاء علي داعش. وهو ما تسخر له روسيا كل إمكاناتها. لكن لم يكن متوقعا أن يطعن أردوغان بوتين في الظهر. وبعدها يلهث إلي واشنطن كالأطفال يطلب الحماية من غضب الدب الروسي. وبعد أن انتهي تأثير "حبة الشجاعة" سارع محاولا الاتصال بالقيصر تليفونيا لكنه رفض الرد عليه. وبدأت الصفعات الروسية تنهال علي تركيا إذ اتخذت إجراءات اقتصادية ستكبد أنقرة خسائر تقدر بنحو 30 مليار دولار سنويا في حال تنفيذها. و"السلطان" الذي يستفيد مثل واشنطن من استمرار أكبر تنظيم إرهابي في العالم وهو "الإخوان" وذراعه الشريرة "داعش" ويحصل علي النفط من الأخير بسعر متدن. لايزال يصر علي عدم الاعتذار وتاليا ستصبح أي مواجهة مقبلة أكثر إيلاما للطرفين خلال الفترة المقبلة. ومصر ليست بمنأي عن هذه المواجهة كما يتصور البعض. فنحن أمام اشتباك قد يؤدي إلي حرب عالمية جديدة ستكون شعوب المنطقة وقودها. ولذا ليس أمامنا سوي دعم الدول التي تسعي لمواجهة الإرهاب بقوة مثل روسيا وفرنسا. وليس بالرقص والطبل من خلال أبواق إعلامية فقط مثل أمريكا وتركيا. ولذا تسعي قيادة الدولة إلي إطلاق المشروعات القومية العملاقة. لأن التنمية بوابة القضاء علي الإرهاب في مصر. وآخرها البدء في مشروع تنمية منطقة شرق التفريعة ببورسعيد. خصوصا أن مصر ستواجه تحديات صعبة خلال الفترة المقبلة في ظل المؤامرات التي يقودها البرادعي في الخارج بالاتفاق مع الإخوان والطابور الخامس في الداخل.
وأقول لكم. إن شعب مصر الذي استوعب الدرس خلال السنوات الماضية وفجر ثورتين من أجل الحرية والعدالة وبدأ مرحلة البناء لن يسمح للعملاء والخونة الذين لا يكفون عن زيارة السفارات الأجنبية في مصر خصوصا الأمريكية لمطالبتها بالتدخل في الشئون الداخلية لمصر وإعادة الإخوان إلي المشهد السياسي بالقوة رغما عن إرادة المواطنين. بتنفيذ مخططاتهم عبر التظاهر في 25 يناير المقبل. ولذا عليه أن يكون مستعدا للتصدي للمؤامرات التي تحاك ضده خصوصا في ظل التصدع الذي أصاب العالم بسبب الإرهاب ومعاناة الجميع منه. وتاليا فإن كل من يتقاعس عن المواجهة الحقيقية لنزيف الدماء سيدفع الثمن غاليا. علي ألا يشغلنا ذلك عن بناء بلدنا. لأن مصر قدمت آلاف الشهداء خلال السنوات الأخيرة لوقف الاقتتال من أجل العالم. وأري أن التكاتف والتلاحم سبيلنا الوحيد أمام محاولات إثارة الفتن في وطننا. بعد أن بات ظاهرا للجميع ما حذرت منه مصر مرارا وتكرارا أن "الراقصين والمطبلاتية" سيقودون العالم إلي الجحيم. لأن "للإرهاب واشنطن تحميه".