محمد جبريل
متي يعود العرب إلي أنفسهم ؟!
أسلوب المنافرة الذي طالعنا في الفترة الأخيرة بين روسيا وتركيا. هل كان يحدث لو لم يستند أردوجان إلي جدار حلف الأطلنطي؟!
الأسباب التالية لحادثة إسقاط الطائرة الروسية تشير إلي ما ينبغي التوقف أمامه. أعلن الكرملين أنه أبلغ واشنطن بتحليق الطائرات الروسية في سماء سوريا قبل بداية العمليات. وأكد الطيار أنه لم يتلق تحذيراً قبيل إسقاط طائرته. فضلا عن أن الطائرة لم تدخل المجال الجوي التركي لثانية واحدة. حسب قول الطيار.
في المقابل. قال أردوجان إن بلاده حذرت الطيار عشر مرات في مدي خمس دقائق. لكنه أصر علي التحليق في الأجواء التركية. مما دفع المسئولين الأتراك إلي إصدار الأمر باسقاطه.
دخل أوباما في الخط أهمل الاشارة إلي إعلان الكرملين أن إسقاط الطائرة كان مفاجئاً. وأنها سقطت في الأراضي السورية وقال إن من حق تركيا أن تدافع عن سيادتها.
المؤسف أن الولايات المتحدة تناست حق الدولة في الدفاع عن سيادتها. عندما غزت قواتها العراق. وعندما ضربت طائراتها مصنعاً للأدوية في السودان. وعمليات أخري كثيرة. وهي الآن تتحرك في الأجواء السورية. وداخل المدن في تجاوز معلن لحق الشعب السوري في تقرير مصيره. بل إن واشنطن تشارك في العمليات القتالية لصالح ما أسمته المعارضة المعتدلة. ودربت فصائل منها. بينما مهدت الأرض للتنظيمات الإرهابية ـ داعش وغيرها ـ لتدمر العراق وسوريا وليبيا واليمن. والمؤامرات لا تنتهي.
هل كان أردوجان ـ لولا جدار الأطلنطي ـ يستطيع القول إن روسيا تلعب بالنار؟
أسقط الرئيس التركي من اعتباره أن أمن العالم أكبر وأخطر من طموحات خلافته الغائبة. فلجأ إلي لغة التهديد والوعيد. بما يختلف عن اقتصار الإجراءات العقابية الروسية علي السياحة والاقتصاد. والتأكيد بأن المواجهة المسلحة ليست واردة ذكرنا أردوجان بسذاجة التصور أن الفتوة يحمي الأقوال والتصرفات مهما بلغت قلة الأدب!
النهاية التي أتوقعها نهاية لهذا التصاعد الدرامي. أن يعرك أوباما أذن أردوجان ليكف عن أداء الدور الذي أملي عليه. وشاطر يا ولد!
ما يشغلني في تطورات الأحداث هو هيئتنا الإقليمية. أعني الجامعة العربية. مقابلاً لحلف الأطلنطي الهيئة الإقليمية لدول الغرب. لا أطالب الجامعة بطموح يجاوز إمكاناتها. لكنني أطالب بالحد الأدني. وهو أن تؤدي الجامعة دوراً مشابهاً للتنظيمات الاقليمية في افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية من حيث فرض كلمتها وتأثيرها علي الدول الاعضاء. والدفاع عن الحق العربي بما تملك من قدرات سياسية واقتصادية. فلا تتحول إلي مقر يقتصر علي عقد اللقاءات وإلقاء الخطب. وتبادل الاتهامات أحياناً. دون محاولات جادة لتعميق الاتفاق بين أعضائه. فلا تلجأ أقطار العرب ـ كما يحدث الآن ـ إلي الاستعانة بقوي أجنبية. ولا تصمت عن تدخلات تلك القوي بين أبناء البيت الواحد. بما يضيف إلي تصاعد الخلافات وتفاقمها.
اللافت أن الغرب لم يتحرك ضد داعش إلا بعد أن انقلب السحر علي الساحر في عمليات إرهابية قامت لها مجتمعات الغرب ولم تقعد. في حين أن الوطن العربي يعاني أخطر الهجمات التي تهدد حضارته ووجوده.
متي يعود العرب إلي أنفسهم؟!