جمال زهران
ثلاثية مشروع القرن فى إقليم قناة السويس
لاشك أن الحديث فى اقليم قناة السويس، أمر مهم لأنه يتعلق بحاضر ومستقبل البلاد والأجيال القادمة، فضلا عن علاقته الوثيقة بمقتضيات الأمن القومى
المصري. فالثابت تاريخيا وعسكريا أمران مهمان أولهما: أن 90% من الحملات العسكرية التى استهدفت مصر كانت قادمة من الحدود الشرقية وسيناء، ولنتذكر الهكسوس والمغول.. الخ.
وثانيهما: أن الغزوات والحروب تجد مساحة لها من المساحات الخالية من البشر، وتقف وتتوقف وتتكسر عند أول اقتراب من الكثافات البشرية لأى دولة، ولذلك فإن مشروعا قوميا لتنمية اقليم قناة السويس وسيناء، له أولوية لا مناص عنها، وأن مشروعا قوميا فى الضبعة للطاقة النووية يكمل هذه المنظومة، وتأتى استكمالا للمشروعات القومية الوطنية أيام محمد على (بانى مصر الحديثة)، وجمال عبدالناصر (بانى السد العالى ومشروعات التصنيع الكبري)، وبينهما الخديو سعيد وإسماعيل (حافرا قناة السويس ومفتتحاها).
وغالبا ما يقال فى علم التنمية المستدامة، إن مشروعا قوميا يعد قاطرة التنمية، وأن يخلق بالاجبار إلى حد الحتمية إلى تداعيات يستحيل الوقوف ضدها، رغم أن المشروع قد يبدو بسيطا فى بدايته، إلا أن القراءة الموضوعية ومن منظور وطنى تكشف ماهو حاضر وآت من هذا المشروع أو ذاك، وما هو مستقبلى حتمي.
فلاشك أن أى قراءة لمشروع وطنى كبير، خارج الفلسفة الكامنة وراءه، هى قراءة جدلية مضيعة للوقت، دون تجاهل القراءات النقدية التى تستهدف تقليل الخسائر وتعظيم الفوائد، بمعنى تقليل الجوانب السلبية إلى الحد الأدنى حيث إنه لا مناص عن تداركها، وتعظيم الجوانب الايجابية تحقيقا لأقصى درجة استفادة، هل نسينا ما قيل عن السد العالى وهو أقرب المشروعات القومية فى عهد الزعيم جمال عبدالناصر، حيث خرجت القوى المضادة لثورة يوليو تهيل التراب على مشروع السد، لدرجة أن كتب «اهدموا هذا السد»، وكان رد أصحاب الأقلام الوطنية حاسما آنذاك، فى مقدمتهم الأستاذ فيليب جلاب، الذى كتب كتابا للرد على كل هذه المؤامرات على الثورة.
والمشروع الوطنى الكبير الذى أراه من وجهة نظرى المتواضعة أنه «مشروع القرن» لإعادة بناء مصر، يبدأ بمرحلة قناة السويس الجديدة، وقد انتهى العمل فيه بعد عام واحد فقط وتم افتتاحه يوم 6 أغسطس 2015م، ثم تم تدشين المرحلة الثانية يوم السبت 28 نوفمبر 2015م (منذ عدة أيام)، لتنمية شرق بورسعيد، وعمل فرع جديد للقناة فى مدخل بورسعيد وتوسعة القناة من ناحية البحر المتوسط شمالا، بطول (9) كيلو مترات، مع توسعة ميناء بورسعيد، وبعرض (250)م (ربع كيلو) وعمق 5،18م لاستخدامها لدخول وخروج السفن إلى المجرى للميناء دون التقاطع أو تعطيل حركة دخول وخروج السفن إلى قناة السويس، ويستغرق هذا المشروع مدة عامين، بدلا من خمسة أعوام، وهو اختصار للزمن، بحيث يتم تعظيم الاستفادة من مجرى قناة السويس من خلال تنفيذ خمسة عناصر هي: منطقة الميناء، والمنطقة الصناعية، المنطقة اللوجستية، منطقة المزارع السمكية، منطقة أنفاق جنوب بورسعيد، كما أن منطقة الميناء تشمل الميناء وأرصفة بحرية بطول (10)ك.م، بشكل دائرى ومجرى مائيا، وقناة اقتراب جانبية، وقد نشرت الصحف تفاصيل هذا المشروع بالكامل، وهو يعد المرحلة الثانية من مشروع القرن كما أشرت من قبل.
أما المرحلة الثالثة، فى تقديرى لاستكمال هذا المشروع القومي، تتركز فى التنمية الشاملة لشبه جزيرة سيناء كاملة خاصة منطقة الوسط مركز الإرهاب، وتشمل جوانب الزراعة والتصنيع والتعدين والسياحة، وقد تجاهل السادات وحسنى مبارك الدخول فى مشروع تنمية سيناء إلا بالكلام واللجان والخطط الورقية، فهناك خطة مباركية تنهى تنمية سيناء عام 2017م ونحن على مشارف عام 2016م لم ينجز منها 10% فقط طوال ربع قرن، الأمر الذى يؤكد حتمية هذا المشروع لخلق توطن سكانى حول المشروعات القومية، يعوق أية محاولة لغزو سيناء مرة أخرى وللأبد، وهو ما يصب فى حماية مستقبلية للدولة المصرية، ويحقق الأمن القومى المصرى الحقيقي، وتنطلق مشروعات التنمية تباعا فى كل أرجاء مصر فى ضوء مشروع تنموى واضح المعالم يبدأ بالتصنيع، والزراعة، وهما جانبان لاستيعاب أكبر قدر من العمالة المصرية فى مقدمتها الشباب وسواعده القوية وحماسه غير منقطع النظير، وهو المقدمة للاستقرار الحقيقي.
وأخيرا يأتى مشروع الطاقة النووية فى منطقة الضبعة شمال غرب مصر، ولهذا حديث آخر إن شاء الله. ومازال الحوار متصلا.