الأهرام
ريهام مازن
مصطفى الصاوي المصري الإماراتي !
لمن لا يعرف قصة المخترع الصغير المصري، الذي يبلغ من العمر 17 عاما، الذي قام باختراع السد "العربي" أو "الذكي".. فعليكم مطالعة السطور التالية!
مصطفى مجدي الصاوي المخترع المصري، هو أحد أبناء محافظة الدقهلية، ويعتبر اختراعه (السد الذكي) وسيلة فعالة من أجل إنتاج أكبر كم من الطاقة الكهربائية عن طريق دمج ثلاث أنواع من الطاقة المتجددة مع إضافة بعض التعديلات الهندسية عليها.
المخترع المصري الذي أهملته مصر.. أو بمعنى أدق لم تمنحه الفرصة لتستفيد بفكره واختراعه، كما لم تعتبره نابغة.. وكان يتمنى الصاوي، أن يتبنى وطنه فكرة مشروعه الجديد.. إلا أن دولة الإمارات العربية المتحدة، منحته جنسيتها ونافست به دول أخرى تفوق عليها بعقله وعلمه.. فرفع علم الإمارات.
قصة مصطفى، مع الأسف هي نموذج مكرر لكثير من العقول النابغة التي تطردها بلدنا لعدم توافر الإمكانات ولا البيئة أو المناخ العلمي الملائم للاستفادة منهم، والنتيجة تهرب للخارج، فتتلقفهم الدول التي تريد أن تنهم من علمهم، وتتلألأ هذه النجوم في سماء الآخرين.. بدلا من أن تفيد بلدنا وتستفيد منه.. فإلى متى تظل مصر طاردة لأبنائها النابغين؟
لكن الشيء المخزي والمحزن في ذات الوقت، أن هذا المخترع، الذي يعد من وجهة نظري مجني عليه من الدولة، أصبح في دائرة الاتهام بالخيانة من قبل البعض، لمجرد حصوله على الجنسية الإماراتية! ففي أحد البرامج على قناة خاصة، شاهدت المذيعة (ل.ح.) تقول عنه أنه خائن.. أخد جنسية دولة أخرى ويرفع علمها.. يغور إن "شالله" ما عنه رجع.. خاين).
بداية، أقول لصاحبة هذه العبارات الشرسة واللاذعة المذيعة اللامعة: اتق الله، فمن يتق الله يجعل له مخرجا.. أولا: جنسية هذا البلد هو بلد عربي شقيق، فبدلا من أن نوجه للإمارات الشكر على تشجيع أولادنا للاستثمار في عقولهم، نتهم أولادنا بالخيانة لمجرد أن ساعدتهم دولة عربية شقيقة ومدت لهم يد العون ومنحتهم جنسيتها، فما هذا الجحود ونكران الجميل؟ ثانيا: الجنسيات العربية وسام على صدر الأشقاء العرب فيما بينهم.. فما هذا الهراء الذي تقوله المذيعة وما هذا التخريف.. حسبنا الله ونعم الوكيل في عصر الإعلام الغبي الذي نعيشه!
حرام والله ما يحدث في هؤلاء العقول الشابة المستنيرة والمتميزة، فبدلا من أن نستقطب أفكارهم في الطريق القويم لمصلحة البلد.. نأخذهم في الاتجاه المعاكس (ونحضهم على كراهية وطنهم) بهذه العبارات الهدامة المستهترة التي لا ترقى لعقول إعلامية واعية!
وطبعا في أول تعليق له على هذا الهراء وهذه الحماقة، أكد المخترع الصغير مصطفى الصاوي أن حصوله على جنسية دولة الإمارات العربية المتحدة لا يعد خيانة لوطنه الأم مصر على الإطلاق كما يدعي البعض.. وقال أنه يفخر بجنسيته المصرية ولم ولن يتنازل عنها أبدا!
بالتأكيد مصطفى الصاوي من الشباب الذين تفخر بهم مصر، وبوطنيتهم فهو مخترع من المخترعين الشبان الذين يتمنوا أن يكون اختراعه مفيد لوطنه وأولاد بلده.
ولكن الحكاية ببساطة أن "مصطفى الصاوي" المخترع الشاب الصغير، قد عرض اختراعه على المسئولين في مصر و(طبعا كالعادة) لم يلق أي اهتمام منهم، وكان يتمنى أن تتولى مصر تنفيذ هذا الاختراع الذي سوف يوفر لمصر طاقة كهربائية متجددة.
بالتأكيد ودون أدنى شك في وطنيته، أن مصطفى مجدي الصاوي كان يتمنى أن تتبنى مصر (بلده الأم) مشروعه "السد العربي" لتوفير الطاقة الكهربائية المتجددة وكما قال في تصريحات صحفية نُشرت عبر وسائل الإعلام المختلفة: "مثلت مصر في مسابقة (بطولة العالم للمبدعين بلندن)، وحصلت على جائزة أفضل باحث عربي على مستوى العالم.. وتبنت دولة الإمارات اختراعي وشجعتني وقدمت لي الكثير مما جعلني أشعر بالفخر والتقدير كما منحتني الجنسية, واشتركت بمسابقة بدولة الكويت وفزت ورفعت علم الإمارات التي دعمتني وشجعتني كما رفعت علم مصر بلدي في كثير من المسابقات الدولية.
من قلبي: سأختتم بقول مأخوذ من الكاتب العظيم جمال حمدان في وصف شخصية مصر: "إن ما تحتاجه مصر أساسا إنما هو ثورة نفسية، بمعني ثورة علي نفسها أولا وعلي نفسيتها ثانيا، أي تغيير جذري في العقلية والمثل وأيديولوجية الحياة قبل أي تغيير حقيقي في حياتها وكيانها ومصيرها... ثورة في الشخصية المصرية وعلي الشخصية المصرية... ذلك هو الشرط المسبق لتغيير شخصية مصر وكيان مصر ومستقبل مصر".. ليت المسئولين في مصر يدركون ما قاله جمال حمدان، ربما يستطيعون إنقاذ ما تبقى لإنقاذه!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف