الأهرام
مرسى عطا الله
الشرطى والقاضى والجلاد
أكثر ما يغيب عن ذهن صناع القرار فى البيت الأبيض الأمريكى ذلك الذى ظهر لهم بوضوح فى مؤتمر مكافحة الإرهاب الذى دعت إليه واشنطن الأسبوع الماضى وشاركت فيه أكثر من 60 دولة حيث أحس الأمريكيون بافتقارهم إلى الهيبة المعنوية لإحداث التأثير فى مواقف ورؤى الآخرين.
فى هذا المؤتمر اكتشفت أمريكا أن هناك فارقا كبيرا بين الهيمنة العسكرية التى تخيف وبين الهيمنة المعنوية التى تقنع الآخرين وإنه إذا كانت أدوات الهيمنة العسكرية يمكن حشدها بسهولة فإن أدوات الهيمنة المعنوية تحتاج إلى إعادة بناء جسور الثقة التى تحطمت بسبب افتضاح سلسلة الأكاذيب التى روجت لها واشنطن منذ أحداث الحادى عشر من سبتمبر عام 2001 وأدت إلى تحول جذرى من التعاطف الدولى مع أمريكا إلى تعميق الكراهية ضدها!

كانت هناك همهمات وهمسات ممن تابعوا المؤتمر تتندر وتسخر من الخطاب الأمريكى الذى يروج إلى أن غياب الديمقراطية وامتهان حقوق الإنسان هى بذور الإرهاب لأنه ما من أحد امتهن حقوق الإنسان قدر ما فعلت أمريكا عندما أسست شبكة من السجون السرية وزجت فيها بآلاف المعتقلين لمجرد الاشتباه فى علاقتهم بأحداث سبتمبر حيث مازالت بعض المشاهد التى سربت من وراء قضبان أبو غريب وجوانتنامو للمساجين بتلك الأغطية الخانقة فوق رءوسهم وهم ينتهكون جنسيا ويشربون كأس الذل والمهانة مع ركلهم وإزهاق أرواح بعضهم مازالت تؤرق أصحاب الضمائر فى العالم.

وسوف تظل عقدة الذنب تطارد الأمريكيين حتى يكفروا عن ذنوبهم وبينها أكاذيب نشر الديمقراطية وادعاء احترام الشرعية الدولية والتى استخدموها لتبرير جرائم الغزو المشئوم للعراق وأفغانستان وتدمير ليبيا والتى تحولت إلى آلة لتفريخ الإرهاب واستقطابه... واليوم يجددون خطاياهم بإصرارهم على المعايير المزدوجة ومعارضة تحمل مجلس الأمن لمسئولياته فى ليبيا أو على الأقل رفع حظر تصدير السلاح للحكومة الشرعية على عكس هرولتهم عام 2011 لإسقاط الدولة الليبية بغطاء من مجلس الأمن ذاته.

والسبيل الوحيد لكى تستعيد أمريكا هيبتها المعنوية مجددا هو أن تتخلى عن القيام - وحدها- بدور الشرطى والقاضى والجلاد فى الشئون الدولية!

خير الكلام:

<< هناك أناس ليس لهم من ثروتهم إلا الخوف من ضياعها!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف