المساء
محمد جبريل
تقسيم فلسطين.. بداية المأساة
أخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر 1947 قراراً بتقسيم فلسطين.. وقد استندت الدول العربية في رفضها لقرار التقسيم إلي عدم أحقية أية منظمة دولية ـ حتي لو كانت الأمم المتحدة ـ في أن تغير الواقع التاريخي للدول.
أجري التصويت علي مشروع التقسيم وكان عدد الدول الأعضاء في الجمعية العامة 58 عضواً وكانت الدول الكبري تسيطر علي مناقشات وقرارات الجمعية العامة. في حين كان معظم دول آسيا وإفريقيا تعاني الاحتلال الأجنبي. ووافقت علي قرار التقسيم 33 دولة من بينها الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وفرنسا وصوتت ضده مصر والعراق ولبنان والسعودية وسوريا واليمن وبعض الدول الإسلامية كأفغانستان وإيران وباكستان وتركيا وكذلك الهند واليونان وكوبا.
والحق أنه لولا حملة الضغط الهائلة علي دول آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية التي جندت لها دول الغرب قواها. لما أمكن تمرير قرار التقسيم.
كان عدد السكان اليهود آنذاك قد بلغ ـ بتأثير الهجرة ـ حوالي 650 ألف نسمة بينما بلغ عدد السكان العرب ـ بمعدل زيادة الطبيعة ـ مليوناً و350 ألف نسمة أي ان العرب كانوا يكونون نسبة 67.5% بينما كان اليهود يكونون 32.5% فقط. وكانت نسبة الأراضي المملوكة لليهود في فلسطين 6% فقط من المساحة الكلية للبلاد.. وكانت دولة فلسطين ـ حسب قرار التقسيم ـ تشمل الأراضي الواقعة شرقي ووسط فلسطين من أريحا إلي بير سبع بالاضافة إلي الجزء الغربي من منطقة الجليل وشريط ساحلي كبير علي طول البحر المتوسط بموازاة الحدود المصرية إلي البحر الأحمر. وأيضا مدينة يافا وما حولها. أما دولة إسرائيل فتشمل المنطقة الشرقية من الجليل. ثم تمتد من حيفا إلي خليج العقبة وتضم جانباً من صحراء النقب وأما القدس وبيت لحم فإنهما يوضعان تحت وصاية الأمم المتحدة.
أعطي قرار التقسيم دولة إسرائيل أكثر من 55% من المساحة الكلية للبلاد. أي أكثر من عشرة أضعاف الأرض التي كان يملكها اليهود. واعطي الدولة العربية 42.5% من مساحة البلاد وكانوا يمتلكون أكثر من 94% من المساحة الكلية بينما أنشئت منطقة دولية تضم القدس وخصصت لها 6.5% من المساحة الكلية.
والحق أن رفض قرار التقسيم علي المستويين الرسمي والشعبي ـ كان غلاباً في امتداد الوطن العربي ذلك لأن التقسيم ـ كما اجمعت كل التقديرات ـ يؤدي إلي إنشاء دولة يهودية مستقلة في بقعة من أهم بقاع الوطن العربي من النواحي السياسية والاستراتيجية والاقتصادية والاجتماعية وإلي جانب أن إنشاء هذه الدولة اليهودية خطر هائل علي فلسطين وسائر الأقطار العربية. فإنه أيضاً يحرم العرب من شطر مهم من الساحل الشرقي للبحر المتوسط كما يجعل منها ـ أي الدولة اليهودية ـ قواعد عسكرية تهدد باستمرار كيان الأقطار العربية واستقلالها.
كانت ردود الفعل العربية في عمومها عنيفة وحادة وإن لم تجاوز ـ كالعادة ـ حدود الانفعال الوقتي وحتي عندما بدأت الحكومات العربية في التصدي للخطر فإنها افتقدت النظرة الاستراتيجية التي تملي إرادة موحدة تدرأ المأساة قبل تفاقمها.
العكس ـ للأسف ـ هو ما حدث.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف