الجمهورية
المستشار محمد محمد خليل
الإسلام الحنيف "2"
في مجال تجديد الخطاب الديني- أو كما سبق أن قلنا- إزالة الغبار من عقول بعض المنتسبين إلي الإسلام وإزالة الغمة من عقول مناوئيه والمعادين له.. أي شرح الإسلام المصفي كما أنزله رب العالمين إلي نبي الناس محمد صلي الله عليه وسلم. يتعين علي الدعاة والمدافعين عن الإسلام الابتعاد عن الغلو في الدين والتشدد اتباعاً لقول المصطفي صلي الله عليه وسلم إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه. ولقوله تعالي "لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسوءكم".
ما نراه الآن من بعض الجماعات التشدد غير المجدي والتنطع في الدين. واصطياد الأحكام التي يمكن تأويلها والوقوف عندها بلفظها بلا فهم مقنع وتشدد غير مطلوب. علي سبيل المثال لا الحصر بعض المتشددين يكفر من يصلي في مسجد به ضريح عملاً بالنهي الوارد في قوله صلي الله عليه وسلم "لا تتخذوا القبور مساجد ولا الأضرحة معابد". ناسياً أو متناسياً أن من يصلي في مسجد به ضريح. لا يصلي لصاحب الضريح. إنما يصلي لله سبحانه وتعالي ويترحم علي ذلك المتوفي صاحب الضريح. من يصلي في مسجد الإمام الحسين. لا يقصد بعبادته سيد شهداء أهل الجنة. إنما صلاته وقيامه لله رب العالمين. لم نسمع أحداً من المسلمين في مصر يؤدي الصلاة باسم الحسين أو السيدة زينب أو السيد البدوي. إنما صلاته وتسبيحه لله رب العالمين- وأيضاً- التمسك بغطاء الرأس في الصلاة والخطيب في الجمعة. أو وضع يديه علي بعضهما أثناء الوقوف في الصلاة. والقول ببطلان الصلاة أو الخطبة. إذا تخلي المصلي عن ذلك!!. تلك أقوال لا تستحق النقاش وأفعال لا تستوجب الخلاف. إنما هي هيذة يجوز فيها الصلاة سواء غطيت الرأس أم لم تغط أو وضع المصلي يديه علي بعضهما أو أطلقهما بين جنبيه أو وضعهما علي صدره. كل ذلك جائز لا أثر له في صحة خطبة الجمعة أو في صلاته والوقوف عندها نوع من التنطع. وجري وراء النشوذ.. الله لا ينظر إلي صورنا ولكن ينظر إلي قلوبنا.. التشدد في المسائل الفقهية التي اجتهد فيها العلماء واختلفوا وذهب كل منهم مذهباً يراه. هو قول أو فعل لا يلزم المسلمين باتباع مذهب معين دون آخر. لا ننسي أن أصحاب المذاهب الفقهية قالوا قولنا صواب يحتمل الخطأ وقول غيرنا خطأ يحتمل الصواب. قال الإمام الأعظم أبوحنيفة قولنا هذا رأي فمن جاءنا بأفضل منه قبلناه. هكذا فهم العلماء الأوائل الاسلام حق الفهم. واتبعوا سنن الله في خلقه. وقعدوا القواعد التي قام عليها الاسلام. وعرفوا ان الثوابت في كتاب الله تعالي هي نبوة سيدنا رسول الله. والإيمان بالجنة والنار واليوم الآخر والرسل السابقين عليهم السلام. تلك قواعد ثابتة لا مندوحة عن الايمان بها والتمسك بهديها. أما الفقه وهو اجتهاد المجتهدين واستنباط العلماء لحل مشاكل المجتمع ومتغيراته ومستجداته متروك لأهل الحل والعقد والمجتهدين من علماء الأمة للوصول بالبشرية إلي درب الأمان. وعليهم اتباع قواعد الاجتهاد الذي يضع لكل مشكلة حلاً وفي كل مسألة رأي نابع من القواعد الأصولية التي لا تخالف شرع الله الثابت بآيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول الصحيحة.
بهذا نكون قد سرنا في درب الحق الذي يبتغيه الاسلام لنهضة البشر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف