لا أدري لماذا تعمد الباحث والروائي يوسف زيدان اثارة قضية انكاره للاسراء والمعراج ولعروبة القدس والمسجد الأقصي في هذا التوقيت.. ومن علي شاشة فضائية "اليوم" في حواره مع الإعلامي عمرو أديب.. اللهم الا ان يكون هدفه اثارة ضجة حول ذاته ليعود إلي دائرة الضوء من جديد بعد ان اعلن الانسحاب واعتزال العمل العام اعتراضا علي تعيين الدكتور إسماعيل سراج الدين مستشارا ثقافيا لرئيس الوزراء السابق المهندس ابراهيم محلب.
اللعبة صارت مكشوفة تماما عندما تنحسر الاضواء عن احدهم فما عليه الا ان يبحث عن قضية صادمة ومثيرة للجدل ليفجرها علي الملأ.. وأنسب القضايا لهذا الغرض هي القضايا الدينية والأمر المؤكد ان الرأي العام سوف يستثار وتتابع وسائل الاعلام حالة الجدل الواسع بين أخذ ورد ويتردد اسم صاحبنا هنا وهناك ويصبح مادة للخلاف والانقسام.. فريق يؤيده وفريق يلعنه.. ثم يمضي الزمن وينسي الناس القضية لكنهم يذكرونه.. وبذلك يكون قد حقق الهدف الذي أراده وليس هناك ما يمنع بعد ذلك من ان يصبح نجما في برامج التوك شو ومفكرا تنويريا مجددا وعضوا في البرلمان بمقتضي الشهرة التي تفتح له كل الأبواب.
لذلك أتمني ان يتولي علماء الأزهر دون غيرهم الرد علي تصريحات د.يوسف زيدان وادعاءاته فيما يتعلق بانكار الاسراء والمعراج حتي لا يفتن الناس بما قال ويتشككوا في معجزة الهية ثابتة في سورة كاملة من سور القرآن الكريم هي سورة الاسراء .. وأتمني أن يقف رد العلماء عند حد البيان والتبين علميا ودينيا وألا يندفع أحدهم بالحماس العاطفي فيرفع عليه دعوي قضائية ويحوله إلي شهيد.. وتتشكل حوله دوائر الدراويش والمريدين والمدافعين.. وتتحقق له الضجة التي يريدها.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل انكار الاسراء والمعراج يمكن ان يدخل في ملف تطوير الخطاب الديني؟ هل هو قضية ملحة لتحقيق الالتحام الوطني أم فتنة جديدة لتمزيق الصف الوطني واشغال الناس بقضايا جانبية؟! هل اثارة هذه القضية يساعد في الحرب علي الارهاب والمواجهة الفكرية مع داعش ومثيلاتها من المنظمات والتنظيمات الارهابية أم انها سلاح مسموم نسلمه بيدنا إلي داعش لكي تطعنا به وتؤكد جدارتها بالدفاع عن صحيح الإسلام الذي نضيعه.. وهناك سماعون لداعش وجاهزون لتبني منطقها المعوج.
ثم.. لماذا التنكر الآن لعروبة القدس والمسجد الأقصي؟! هل هذه هي الهدية التي نقدمها للانتفاضة الحالية التي يستشهد الشباب الفلسطيني فيها كل يوم دفاعا عن أرضه وقضيته العادلة؟!
لماذا اثارة الغبار الآن علي القضية.. هناك من يلتمس كل طريق ليكسر حاجز المقاطعة ويبدأ رحلة التطبيع مدعيا ان ذلك في صالح أهل القدس وهناك من يفتي بأننا يجب الا نحارب من اجل المسجد الاقصي ولا القدس والا نرفع أي شعار ديني في الصراع مع إسرائيل.. مادام النبي صلي الله عليه وسلم انتقل إلي الرفيق الأعلي ولم يكن بيت المقدس في حوزة المسلمين.
ما هذا التخاذل وهذا النكوص؟
القدس عربية منذ ان بناها العرب الأقدمون وسموها دار سالم.. ثم حين دخلها اليهود لاجئين من مصر حرفوا الاسم إلي أورشليم.. وهي إيليا التي غير اسمها الامبراطور البيزنطي وهل تغيير اسم مصر إلي ايجيبت أو إلي القطر الجنوبي في الجمهورية العربية المتحدة غير منها شيئا: هي مصر ذاتها وتغيير اسم القدس لا ينفي عنها عروبتها التي كانت سابقة علي دخول اليهود إليها.
أما المسجد الاقصي أولي القبلتين وثالث الحرمين الشريفين فلا أظن ان كلام الدكتور زيدان يمكن ان يهز اعتقادنا الثابت بشأنه.. كل ما في الموضوع انه سيدعم إلي حين الادعاء الإسرائيلي بأنه بني علي دعائم هيكل سليمان وهو ادعاء ثبت كذبه بواسطة الحفريات التي تقوم بها إسرائيل تحت المسجد منذ عام 1967 ولم تجد أي اثار للهيكل المزعوم.
إذا كنا غير قادرين علي مساعدة اشقائنا اصحاب القضية فليس من الشهامة والرجولة ان نطعنهم في الظهر وهم يطعنون العدو في صدره.