دعوا المشهد يكتمل، الدكتور توفيق عكاشة قرر المنافسة على رئاسة مجلس النواب المقبل.. حقه.. والاختيار للأعضاء.. والكاتب الصحفى أسامة هيكل أعلن صراحة أنه لا يريد أن يكون المستشار عدلى منصور رئيساً للبرلمان.. رأيه.. وسوف يعكس اختيار بعض أعضاء قائمة «فى حب مصر» لرئيس المجلس.. وآخرون يتحفظون على المستشار «منصور»، ويرون أن البديل الأفضل مستشار آخر يقترحون تعيينه فى المجلس.. وجهة نظرهم.. ولها احترامها!.
لكننى أجد أن الحديث المنصرف إلى الأشخاص فى أمر كهذا يجب أن يتراجع لحساب الحديث فى «الموضوع»، فثمة معايير أساسية لا بد من الاحتكام إليها فى اختيار رئيس مجلس النواب المقبل، وثمة ظرف لا بد أن نأخذه فى الاعتبار، ونحن نتناول هذا الموضوع. لو حاولنا تحديد المعايير الواجب توافرها فى شخص رئيس مجلس النواب، فسنجد أنها تدور حول ضرورة التميز بمقومات شخصية معينة، تساعده على الإدارة والسيطرة على خليط متنافر من الأحزاب والشخصيات، وتنوّع الرؤوس التى تتفاعل داخل المشهد النيابى، من هذه المقومات: الهيبة، والحكمة، ومهارة الإنصات، والقدرة على الحسم، والاتزان النفسى، والتوازن فى تناول الموضوعات والتعامل مع الآخرين، وإيثار الصالح العام ومصلحة الشعب الذى يمثله المجلس ما استطاع إلى ذلك سبيلاً. لا بد أن يتمتع رئيس المجلس المقبل أيضاً بخلفية قانونية، لأن العبء الأكبر الذى سيواجه المجلس منذ الجلسة الأولى لانعقاده يرتبط بتمرير قوانين، ناهيك عن الوظيفة التشريعية المنوطة به. رئيس المجلس لا بد أن يكون أيضاً حارساً أميناً على دستور البلاد الذى يقسم أعضاء المجلس منذ اللحظة الأولى لتوليهم المسئولية على الحفاظ عليه وحمايته. وأنت تعلم أن ثمة اتجاهاً لم يخفه بعض الفائزين بعضوية البرلمان يميل إلى إجراء تعديلات على دستور 2014 الذى أقره الشعب بنسبة موافقة تقترب من 98%.
أما الظرف، فيتعلق بالطبيعة الخاصة لمجلس نواب 2015. ذلك المجلس الذى تشكل باختيار بضعة وعشرين فى المائة من نسبة الناخبين فى مصر، وعزفت الكتلة الأكبر عن المشاركة فى اختيار أعضائه كنوع من الاحتجاج على أوضاع غير مرضى عنها من جانب العازفين، بالإضافة إلى حالة اللخبطة التى أحس بها المواطن ما بين المرشحين الفرديين والقوائم والأحزاب التى تنافست فى الانتخابات، والتى أفرزت خليطاً من الأصوات التى يصعب أن يجمعها لحن واحد. ورغم أن انخفاض نسبة المشاركة لا ينتقص بحال من شرعية المجلس، فإنه يقلل من مستوى وجاهته، وأتصور أن الاختيار الموفق لشخص رئيسه يمكن أن يضيف إلى المجلس ما يخفف نسبياً من وقع ما فيه من نقائص، خصوصاً عندما تكون الشخصية قادرة على الجمع المتوازن ما بين الأضداد، ومجتهدة فى جمع النشاز فى لحن متناغم. وقد سجلت رأيى فى هذا الموضوع -من قبل- وعتبت على بعض الجهات ترشيح أسماء بعينها قبل اكتمال عقد المجلس والانتهاء من الانتخابات، وجاء ذلك فى سياق طرح اسم المستشار «عدلى منصور» كرئيس للمجلس، وقد حدثتك عن المكالمة الهاتفية التى تمت بينى وبينه، وقلت لك إن المستشار «منصور» زاهد فى الأمر. وفى كل الأحوال، فالمجلس سيد قراره فى اختيار من يرأسه، والقرار فى النهاية بيد أعضائه، وعلى صاحب القرار أن يتحمل مسئوليته.