بعض الدول الكبري تحول ما نسميه نحن "كارثة" إلي "بشرة خير" و"نعمة من السماء".. مثلاً أعلنت مصلحة التعبئة والإحصاء منذ يومين بأن تعداد مصر وصل "اليوم".. يعني منذ يومين تسعين مليون نسمة بالضبط.. اعتبرتها السلطات والوزارة والمسئولون بأنها كارثة!!! وهذا هو العائق والمانع لتقدم البلد وللاقتصاد وأزمة المرور وغلاء رغيف العيش والطماطم والبطاطس!!! هذا هو سبب أزمة التعليم والصحة وتقهقر الرياضة وأزمة المساكن وأرصفة الشوارع!!! وأعداد الشيشة في المقاهي!!! كل الكوارث سببها طبيعة الكون!!!.. وبغباء كبير حاولت ثورة يوليو أن تقف أمام القطار!!! وصرفت أموال مصر علي تغيير طبيعة الكون ورغم ان الشمس لن تشرق من الغرب قط.. ويسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج.. سيظل الهلال هو الذي يحدد الأشهر!!!
***
في البلاد التي فيها اقتصاديون بحق وبها مفكرون بحق.. وفيها مستشارون بحق يحولون ما نسميه من كوارث إلي "نعمة كبيرة" هبطت من السماء.
.. هل تريدون أمثلة قريبة؟!
في الهند التي تعدادها مليار و248 مليون نسمة!!! تصوروا!!! احسبوها انتم!!! تعدادها أكبر من تعداد مصر كم مرة!!! هذه الدولة ماذا فعلت يوما ما؟!! شيء طبيعي هناك أطفال صغار لم يفلحوا في المدارس فتشردوا في الشوارع.. وشيء طبيعي هناك لقطاء مجهولو الأسرة.. وشيء طبيعي هناك فقراء تركوا أولادهم.. في عام ما.. ليس ببعيد ظهرت ما اسموه هناك "أطفال الشوارع".. تم جمعهم في مبني كبير.. ودرس المتخصصون في كرة القدم كل أنواع الكرة التي اعتمدها الاتحاد الدولي "الفيفا" لتكون هي الكرة الرسمية التي تقام بها المباريات الرسمية.. وتم اختراع كرة جديدة تضم كل مزايا الكرات القديمة مع ميزة جديدة وبدأت "الورشة" العالمية الضخمة عملها.. صانعو الجلود وغيرهم يعلمون مئات الآلاف من الأطفال صناعة الكرة الجديدة.. ونزلت الكرة السوق.. واختارها "الفيفا" واعتبرها الكرة الرسمية للاتحاد لأهم ميزة فيها.. سعرها!!!
.. منتهي الرخص.. ثم فيها ميزة ـ لا أعلمها ـ ميزة لا توجد في الكرة القديمة.. كسبت الهند شيئين.. كسبت ماديا الشيء الكثير.. وكسبت أيدي عاملة صغيرة تكسب قوتها بالحلال دون تسول وتشرد ـ وربما بجانب هذا ـ كسبت عدم تحول هؤلاء الأطفال المشردين إلي مجرمين!!!
***
السؤال هو :
هيئة اسمها هيئة التعبئة والإحصاء.. نعم قامت بالإحصاء الذي فاجأنا وأعطي مادة إعلامية لوسائل الإعلام غير المؤهلة لقيادة الرأي العام لكي تهاجم الدولة لأنها لم تستمر تلقي بأموالنا في"بالوعة لا قرار لها".. طيب.. أين التعبئة يا مصلحة التعبئة والإحصاء؟؟.. لو قمت بالتعبئة ربما وجدنا اقتصاديا بحق أو مفكرا بحق أو مستشارا بحق في دهاليز السلطة ربما يفتح عليه بفكرة مثل الهنود.. نحن نبحث من زمان عن رجل كنا نقول عليه: انت هندي!!! أين هو؟!!