الوطن
نشوى الحوفى
بنك المعرفة المصرى.. . مفتاح الحياة
بهدوء، يمنحك الإحساس بحضور العلم، يتحدث. وبرؤية، تدعم إحساسك بالاطمئنان لخطوات مصيرية لا بد من اتخاذها، يوضح. وبيقين، المؤمن بمبدأ بناء البشر قبل بناء الحجر، يعمل. هكذا أستطيع توصيف جلستى مع دكتور طارق شوقى أمين عام المجلس الاستشارى لرئيس الجمهورية ورئيس المجلس التخصصى للتعليم والبحث العلمى، فى نقاش دار بيننا حول مشروع بنك المعرفة المصرى الذى أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى عن إطلاقه يوم 14 نوفمبر الماضى بحضور ما يقرب من 26 دار نشر عالمية متخصصة فى العلوم التطبيقية والإنسانية. تستمع لتفاصيل هذا البنك المزمع إطلاق مرحلته الأولى فى يناير المقبل مستشعراً البداية الحقيقية لبناء الوعى المصرى بالاعتماد على مصادر أحدث ما توصل له العلم فى كافة أنحاء العالم. تدرك أننا لسنا وحدنا من يفكر فى كيفية إعادة تشكيل الشخصية والعقل المصريين بعد ما أصابهما من مسوخ التجهيل والتغييب فى السنوات الماضية.

يحدثنى دكتور طارق شوقى عن كيفية بداية ذلك المشروع منذ ما يزيد على عشرة أشهر حينما جاء التفكير فى مشروع لترجمة البحوث الإنسانية المصرية إلى اللغة الإنجليزية كوسيلة لإدخال مصر ضمن التصنيف العالمى فى الأبحاث ونشرها فى المجلات المعترف بها دولياً. ليطرح السؤال نفسه فى حينها: ولماذا تسير الترجمة فى اتجاه واحد فقط؟ لماذا لا يتم توسيع الفكرة لإتاحة الفرصة للمصريين -وبخاصة الباحثين والعلماء منهم- للاطلاع على أحدث ما توصل له العلم فى كافة المجالات وعلى وجه التحديد فى العلوم والرياضيات وهما أساس الاختراعات العلمية والتطور التكنولوجى؟ ولكن يطل بند التمويل للمشروع الذى سيتكلف مبالغ طائلة، كعائق يستوجب الدراسة بحرص.

يحكى لك دكتور طارق شوقى كيف تم عرض الفكرة على الرئيس الذى أبدى اهتمامه بها مطالباً بدراسة الجدوى والتكلفة الاقتصادية لها وتأثيرها على الفكر والإنتاج العلمى المصرى فى شتى المناحى. يضيف: «كان يهتم بكافة التفاصيل ويسأل كل الأسئلة ويدوّن كل المعلومات، وحينما آمن بالفكرة قدم لنا كل الدعم السياسى والمالى لتطبيق بنك المعرفة المصرى لتيقنه من دوره فى تعديل الفكر المعلوماتى والثقافى والأدبى للمصريين».

ولا يقتصر بنك المعرفة على التعاون مع دور النشر العالمية ذائعة الصيت فى مجالات المعرفة لنشر إنتاجها بالإنجليزية، ولكنه سيمتد ليشمل الترجمة العربية لتلك العلوم الإنسانية والتطبيقية لتتسع شريحة المستفيدين من هذا البنك ممن لا يجيدون الإنجليزية بين المصريين، فى إصرار على تغيير العقلية التى هجرت العلم والقراءة والبحث، وإقناعها بأن سبل الترقى والفهم وتحسين سبل الحياة والمعيشة والمشاركة الحقيقية فى التنمية العالمية، لن يتأتى إلا بالمعرفة ومواكبة الأحدث فيها. ليس هذا وحسب بل سيتم التعاون مع دور النشر المصرية لنشر المتاح من إنتاجهم فى هذا البنك ليكون قبلة الوعى المصرى.

يزداد يقينى ببلادى وخطوتها المعرفية تلك حينما أعلم أن البنك لن يقتصر على العلوم والآداب وحسب، ولكنه سيمتد لتطوير التعليم بخطوات بدأت بالفعل منذ نحو شهرين لتدريب المعلمين. حيث يتم الآن تدريب مائة معلم على أحدث أساليب التدريس والتربية والتواصل مع الطلاب، ليكونوا نواة لتدريب ما يقرب من عشرة آلاف مدرس فى كافة محافظات مصر يمثلون المجموعة الأولى من معلمى مصر الذين سيتم تدريبهم عبر بنك المعرفة.

ولا يتوقف الحلم عند تدريب المعلمين ولكنه يمتد إلى تنمية مهارات الأطفال والشباب فى كافة التخصصات الحياتية والمهنية التى يحتاجها الإنسان فى عصرنا الحالى، لا ليواكب العلم والفكر فقط، ولكن ليواكب احتياجات السوق المهنية كذلك، وليتسلح بأخلاقيات المجتمعات الراقية أيضاً.

انتهت جلستى مع الدكتور شوقى وكلى استبشار بأن يعيش أبناء بلادى تلك اللحظة التى يولد فيها ذلك الحلم الأمل، ليعيد منحهم مقومات الإنسان المتقدم فيجمعوا بين علم وفكر وأدب، ويجدد فيهم الرغبة فى استعادة الروح ليمتلكوا مفتاح الحياة الذى مكّن أجدادهم من إبهار العالم بحضارة ما زالوا يبحثون فى أسرارها إلى يومنا هذا. ولذا يا سادة يملأنى التفاؤل ببنك إعادة بناء الإنسان.. عفواً بنك المعرفة المصرى.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف