فجر الإثنين قامت الطائرات المصرية بعدة غارات على مواقع الجماعة الإرهابية فى ليبيا، والمعلن حتى الآن، أن الطيران الليبى شارك الطيران المصرى، وطبقًا لقائد الطيران الليبى فإن الطيران المصرى سوف يكرر الأمر، ولا بد القول إن ضربة فجر الإثنين أرضت كثيرًا من المصريين وأسعدت الكثيرين، ذلك أن عملية داعش بذبح 21 مصريًا على الشاطئ الليبى، فى مدينة سرت، قصد بها أمور كثيرة من بينها إهانة الكبرياء الوطنى المصرى، ومن ثم كان لا بد من رد سريع حاسم وقوى، وهذا ما حدث، إذ وقعت الضربة بعد 6 ساعات من بث داعش لشريطها الإجرامى، استشعر المصريون قوة دولتهم وسرعتها فى الرد.
وقوع الغارة المصرية، على هذا النحو السريع، يعنى أن هناك خططًا موضوعة سلفًا، وأن الأهداف التى ضربت كانت مرصودة ولدينا كافة المعلومات عنها، والذين قاموا بالطلعات من الطيارين والمقاتلين كانوا جاهزين، نحن بإزاء خطط كانت جاهزة وقوات قاعدة على التنفيذ بسرعة، وأجهزة معلومات رصدت بدقة الأهداف، وتنسيق كامل مع القوات الليبية، وهذا ما وضح من تصريحات قائد القوات الجوية الليبية.
السعادة لم تكن داخل مصر فقط، بل كانت داخل ليبيا أيضًا، الإخوة فى ليبيا يعانون الأمرين من الجماعات الإرهابية، فقد تفككت ليبيا وعم فيها الإرهابيون، سرقوا ثروات الشعب الليبى وأسلحة جيشة، وراحوا يسومونهم القتل والإجرام.
التساؤل المهم، ألم تتأخر هذه الغارات؟ نعم تأخرت، وكان يجب أن تتم منذ شهور، وربما أكثر من ذلك، ليبيا تقع على حدودنا الغربية، وأى خطر عليها هو خطر وتهديد لنا، بنفس الدرجة وربما أكبر، ومنذ أكثر من عام وعدد من القادة الليبيون يلحون على أنه لا بد من تدخل مصرى، لإنهاء التجمعات الإرهابية والعسكرية، القريبة من حدودنا، نعلم أن هناك طائرات محملة بالأسلحة تذهب من قطر ومن السودان إلى الجماعات الإرهابية فى ليبيا، وهذا خطر كامل علينا، وكان لا بد من التدخل السريع والعسكرى منذ أن تفككت ليبيا، ليس بهدف آخر غير حماية حدودنا، لا تسمح الولايات المتحدة بأى خطر على حدودها، حتى لو كان خطر إدخال المخدرات إليها من المكسيك، أما نحن، فعلى حدودنا معسكرات تدريب ومخازن أسلحة وميليشيات إرهابية، ثم راحت هذه الميليشيات تهين المصريين هناك وتخطف وتعدم 21 مصريًا بصورة قصد بها كسر الكبرياء الوطنى المصرى.
أعرف أن الإرهابيين فى ليبيا، ربما قصدوا جذب الجيش المصرى إلى معركة معهم، لعله يخفف الضغط عن الإرهابيين فى سيناء، ولعلهم قصدوا كذلك ضرب المؤتمر الاقتصادى الذى يجرى الإعداد له، والأخطر أنهم تعمدوا اختيار القتلى جميعًا، من الأقباط المصريين لإحداث فتنة طائفية أو إعادة جو الاحتدام الطائفى فى مصر، وفى النهاية هم يعاقبون الأقباط على مشاركتهم الوطنية الفاعلة فى ثورة 30 يونيه، التى خلعتهم من الحكم.
كل هذا نعرفه وندركه، لكن هذا قدرنا، ولا يجب أن نهرب منه، المواجهة ضرورية وحتمية، حماية أمننا الوطنى والقومى ضرورة، وتأمين حدودنا كلها بداية هذا الأمن، أما تماسك الجبهة الداخلية واستمرار عملية التنمية وبناء الدولة، فهى لا بد أن تتم فى الوقت ذاته، أى تسير العملية فى خطوط متوازية لا يعطل منها جانب.
نحن فى حالة حرب بالمعنى الكامل، هى حرب الاستنزاف الثانية، وتلك أخطر من الأولى التى وقعت مع إسرائيل بين عامى 1967 وحتى أغسطس سنة 1970، وفى حرب الاستنزاف الأولى، قاتل المصريون وأعادوا بناء القوات المسلحة وأنشئوا حائط الصواريخ وأتموا بناء السد العالى ومصنع الألومنيوم فى نجع حمادى.
وكما انتصرنا فى حرب الاستنزاف الأولى سوف ننتصر فى الثانية.