د. أحمد جاد منصور
التعليم الجامعي.. المشكلات والحلول
يعاني التعليم في مصر الكثير من المشكلات المزمنة.. والأمر يحتاج إلي وقفة موضوعية جادة ونظرة عميقة لتشخيص الداء ورؤية متكاملة لوضع الحلول لمواجهتها والتغلب عليها.. لا شك أن هذه المشكلات توجد في مرحلة التعليم الأساسي والتعليم الفني والمهني والتعليم الجامعي.
وسوف أخصص هذا المقال لإلقاء الضوء علي عدد من مشكلات التعليم الجامعي وبعض المقترحات والرؤي لحل تلك المشكلات.. ولكن دعونا نتفق في البداية علي أنه إذا لم تتوفر لدينا الإرادة والإصرار والقدرة والمصارحة والشفافية في تحديد السلبيات والمعوقات فلا داعي لبذل أي جهود صورية أو جزئية.. لأنها تعد مضيعة للوقت والجهد والأموال.
ولا شك أن أولي خطوات الإصلاح في التعليم الجامعي تتمثل في ضرورة تقييم الوضع القائم كله بالنسبة لجميع المناهج التي يتم تدريسها في الجامعات المصرية سواء في مجال العلوم الطبيعية كالطب والصيدلة والهندسة والعلوم. أو في مجال العلوم الإنسانية الاجتماعية كعلم النفس وعلم الاجتماع وعلم البيئة وعلم الإدارة والفلسفة والقانون.. وغيرها.
ومن الأهمية بمكان أن يكون نصب أعيننا دائماً المركز المتأخر المؤسف الذي أصبحت تحتله الجامعات المصرية سواء علي المستوي الدولي "1206" أو الشرق أوسطي "32" أو الأفريقي "10".. وألا تغيب هذه الحقيقة عن أذهاننا حتي نكون أكثر واقعية وموضوعية عندما نبدأ في تقييم أنفسنا.
ومن المهم جداً أن نسأل أنفسنا سؤلاً علي درجة كبيرة من الأهمية: هل مستوي المناهج التي يتم تدريسها في الجامعات المصرية هو نفس مستوي المناهج التي يتم تدريسها في جامعات الدول المتقدمة.. أم أن هناك فارقاً بين الاثنين؟!
وأؤكد لك عزيزي القارئ من الآن بوجود هذه الفجوة وأنها علي درجة كبيرة من الاتساع.. وهو ما يعرف بظاهرة التخلف الحضاري التي يقصد بها الفارق بين أعلي مستويات التكنولوجيا والعلم والمعرفة في العالم. وبين ما هو موجود بالفعل بالعقل البشري.. لذا علينا أن نسارع بالقضاء علي هذه الفجوة من خلال تطوير وتحديث التعليم الجامعي حتي نصل إلي درجة التنافسية الدولية.. الأمر الذي يمنح خريجي الجامعات المصرية قيمة علمية تنافسية مع نظرائهم في أي دولة من دول العالم المتقدم.
وإذا تقاعسنا عن هذا التطوير والتحديث.. فإننا نكون نموذجاً لإضاعة الوقت والجهد وإهدار الأموال في أمور لا طائل من ورائها.. لأننا سنظل خارج إطار المنافسة لعجزنا الدائم عن تصنيع أي منتجات منافسة للمنتجات العالمية التي مازلنا نستوردها حتي اليوم لعدم قدرتنا علي إنتاجها محلياً.. وهذا ما يؤكده واقعنا الحالي. لأننا نحتل المركز "118" في التنافسية العالمية من بين "213" دولة يتكون منها المجتمع الدولي.
وعلي ذات الدرجة من الأهمية.. نقترح تكثيف البعثات الخارجية لأبنائنا الطلبة والخريجين إلي الخارج للاستفادة من علم وخبرات الدول المتقدمة.. ويتطلب هذا الأمر استحداث هيئة قومية تتولي رعاية المتميزين من الخريجين لابتعاثهم للخارج ومتابعتهم والاستفادة الحقيقية منهم لدي عودتهم للبلاد.. لأنهم سيكونون أكثر قدرة وكفاءة علي تحقيق التنمية والتقدم.