في إحدي المحاضرات لطلبة الإعلام.. اعترض البعض علي ضرورة إتقان إحدي اللغات الأجنبية علي الأقل وهذا ما يجب أن تتضمنه مواد الكلية.. كان كلامهم أن حكاية استانلي ماتيوز التي كتبتها أمس مجرد حكاية عارضة لا تتكرر.. والمهم هو ما يحدث محليا.
وكان ردي عمليا.. وبأمثلة ليست بعيدة..
فوجئنا بما تحمله جميع وكالات الأنباء بكل لغات العالم من أخبار عن طبيب قلب اسمه بيرنار أجري أخطر وأهم وأغرب عملية جراحية.. عملية لا يصدقها عقل.. إحضار جثة ميت منذ ثوان أو دقيقة ونصف الدقيقة لنقل قلبه إلي مريض!!!
اثنان علي سريرين متجاورين.. مريض والآخر متوفي ولكن قلبه مازال ينبض.. وقلبه سليم فلماذا لا ننقله إلي المريض!!؟؟.. حكاية أغرب من الخيال!!!.. ورغم أننا في القسم الرياضي قررنا إرسال خطاب له في مدينة "كيب تاون" في جنوب أفريقيا.. كيف تنزع قلب شخص حي ويعيش بلا قلب ولو لمدة ثانية أو أقل من ثانية.. شيء فوق العقل البشري!!!
أرسلنا الخطاب بالأسئلة الطبية وغير الطبية.. أسئلة خاصة بشخصه هو وكيف فكر في هذا الموضوع وكيف وافق المريض وماذا عن المريض بعد العملية.. وغير ذلك.. أما الأسئلة العلمية الطبية فقد وضعتها الدكتورة عواطف عبدالجليل عميدة الصحفيين العلميين ورئيس تحرير مجلة "العلم".
كنت حريصا أن أكتب في نهاية الخطاب موضوعين.. الأول رجاء للطبيب العالمي أن يشرح العملية بطريقة مبسطة يفهمها القارئ العادي بجوار أسئلة الدكتورة عواطف المفروض أن تكون لأساتذة وطلبة الطب.
الموضوع الثاني الخطير هو دعوة الدكتور بيرنار لزيارة مصر هو وأسرته ومعاونوه جميعا وأسرهم أيضا!!! ويحدد الموعد وعدد القادمين وأسماءهم لكي نرسل تذاكر السفر من كيب تاون إلي القاهرة!!!
ثم تلقينا.. خطابا "منفوخا".. ملئ بالورق والصور.. هذا للنشر.. وبجواره خطاب شخصي يقبل فيه الدعوة ويحدد الموعد مع ذكر كل الأسماء.. علي أن تكون التذاكر من تل أبيب وليس كيب تاون لأنه في هذا الموعد سيكون في تل أبيب!!! وكانت هذه هي القشة التي قصمت وسطنا نحن!!!
كنا قد فرحنا بشدة لقبول الدعوة.. وبدأ أستاذنا فتحي غانم يستعد لهذه الزيارة التاريخية.. قررنا عمل غرفة عمليات غير عادية من حيث المساحة والمكان.. غرفة زجاجية من كل اتجاه ليراها الأساتذة وكبار الأطباء.. والمفاجأة الأكبر أن فريد الأطرش طلب أن يكون هو المريض الذي سيزرعون له القلب!!!
الصحف والمجلات ومواضيع التليفزيون كانت في اتجاهين مضادين تماما.. اتجاه صحفي يرحب بهذا السبق العالمي وحكاية فريد الأطرش وقلبه المليئ بحب كل نساء مصر!!!.. واتجاه آخر يدعو عدم استقبال هذا اليهودي الصهيوني الذي فضل تل أبيب علي القاهرة لتكون هي البداية.. ولم يستطع أحد أن يوقف الهجوم اليساري الشيوعي وفشلت أهم ضربة صحفية عربية!!!
***
رويت الحكاية علي أخوتي الطلبة بتفاصيل أكبر وأكثر وبطريقة قصصية وكأن علي رءوسهم الطير!!!
هناك حكاية أخري حينما اشتري الملياردير محمد فايد أحد الأندية الإنجليزية.. لا داعي لها.. كفاية كده.. كل سنة والجريدة ومن يعمل بالجريدة ومن يقرأ الجريدة بكل صحة وعافية وسعادة وتقدم.