سكينة فؤاد
هل مازال المسئول هو القانون؟!
وسط الجرائم والانحرافات التي تحولت إليها العملية التعليمية، وآخرها حتي كتابة هذه السطور ما نشره الأهرام 9/12 عن سب وضرب وإصابات في العيون بين طلاب ومدرسين وأولياء أمور ومديرين في الزمالك، وإيتاي البارود، وبولاق الدكرور لم أفهم حتي الآن ما الحكمة في إجراء مسابقة لتعيين مديرة جديدة لمدرسة مستقرة وتمضي فيها العملية التعليمية في انضباط وهدوء؟! وإذا كانت الحجة أن مديرة المدرسة تشغل منصبها بالندب، ألم تكن هناك أساليب لدعم استقرار المدرسة، واحترام تاريخ معلمة فاضلة قضت 35 عاما في حمل رسالة وأمانة التربية والتعليم عندما كانا بحق رسالة وأمانة، وعدم استخدام عنف وشج رأس معلم لإجلاء المديرة أ. هدي صالح عن مدرسة بورسعيد الثانوية بنات.
هذه الأحداث المؤسفة التي أنكرها رد مديرية التعليم وأكدها رد نقيب معلمي بورسعيد أ. سمير عبدالوهاب، وقد توالت شهادات قيادات تعليمية محترمة بحق الأستاذة هدي والنموذج المحترم الذي تمثله، وفي مقدمتها شهادة أ. إبراهيم الشبكشي وكيل وزارة التربية والتعليم ببورسعيد حتي عام 2010، وأشار البعض إلي بقاء مدير المدرسة الرياضية بنين بالندب دون أن يتعرض لما تعرضت له أ. هدي صالح وإلي وجود أخطاء قانونية في إجراء المسابقة نفاها رد مديرية التعليم، وأكدها نقيب معلمي بورسعيد!!
> تفعل الدول المتقدمة كل ما تستطيع لتحافظ وتستثمر أجيال الكبار والناجحين من المعلمين والمعلمات، والاستفادة من كنوز خبراتهم، وفي تناولي لقضية أ. هدي صالح التي يريدون إعادتها إلي وظيفة إدارية شغلتها قبل 21 عاما، لفتني ما قيل حول الرأي القانوني الذي انتهي إليه الفحص القانوني بمكتب وزير التعليم حول ما شاب إجراء المسابقة من عوار قانون، والإشارة بإحالة الملف برمته للنيابة مشفوعا بعبارة غريبة تترك للمحافظ أن يتخذ ما يراه!!!!
> لقد أدركت من حوارات كثيرة أن المحافظين مسئولون عن سير التعليم في المدارس التي تتبع محافظاتهم، وأن مديريات التعليم تتبع وزير التعليم، وهذه المديريات بمن فيها هم المسئولون عما يحدث في المدارس!! هل من الغريب أن يرتع ويبرطع الفساد والفاسدون في دهاليز البيروقراطية، وبرعاية أيدي مسئولة مرتعشة لا يرفع عنها كثيرون التواطؤ في حماية الفساد.. وليس أسوأ من مسئول ضعيف تعوزه الشجاعة والأمانة، وقدرة اتخاذ القرار الصحيح دون اعتبار لشيء آخر، وليس أسوأ من تأشيرات تحتمل كل التفسيرات، وتوارب الأبواب للمسئول ليتخذ مايراه!! وماذا لو لم ير سيادته ما رآه الفحص والتحقيق في الوقائع وانتهي إليه الرأي القانوني؟!! لا يمكن محاربة الفساد والقضاء عليه دون إغلاق جميع الثغرات والأبواب المواربة التي تعطي الحق للمسئول باتخاذ اللازم في ضوء ما يراه!! ودون اعتبار لأهمية خضوع الجميع لاحترام وسيادة القانون، ودون الإحالة إلي ما قد يراه أو لا يراه المسئول، ويتكرم أو لا يتكرم به لاتخاذ أو عدم اتخاذ ما يجب أن يتخذ من خطوات قانونية، إما قانون يحترم ويطبق ويخضع له الجميع، أو لا قانون!! ليس معقولا بعد كل ما فعله المصريون لاسترداد كرامتهم وحقوقهم الأصيلة في بلدهم، أن يظل المسئول ـ أي مسئول ـ هو القانون!!
> دعونا نعود إلي قضية أ. هدي صالح التي قارب اعتصامها من الشهر راقدة بمستشفي مبرة بورسعيد، وتفيد التقارير الطبية بمزيد من تراجع حالتها الصحية، لا أحد يعرف حتي الآن مصير الرد القانوني الذي حول من مكتب وزير التعليم إلي مكتب محافظ بورسعيد، وأرجو أن يكون صحيحا ما قيل عن دعوة المحافظ للتكرم باتخاذ اللازم في ضوء ما انتهت إليه التحقيقات، وما قد يراه بإحالة الملف برمته للنيابة!
> هل ممكن أن تطلب أو تقترح جهة قانونية محترمة الإحالة للنيابة دون وجود ما يستحق الإحالة.. أو أن احترام كرامة ومصير وتاريخ مربية فاضلة لا يستحق!
> وردا علي ما نشر في جزء من مقال سابق حول قضية أ. هدي، ردت مديرية التعليم ببورسعيد تنفي ما ورد من وقائع مستندة إلي تحقيقات الشئون القانونية بالمديرية، وبالمحافظة، وتنفي أيضا وجود عوار قانوني وفساد إداري، ذاكرين أن مديرية التربية والتعليم أعلنت في 22 يوليو 2015 عن مسابقة رسمية لشغل الوظائف الشاغرة بالإدارة المدرسية في جريدتي الأخبار والجمهورية، طبقا لأحكام قانون الكادر رقم 155 لسنة 2007 وتعديلاته، إلا أن أ. هدي لم تتقدم للمسابقة بالرغم من علمها بأنه يجب عليها التقدم لتلك المسابقة ليكون معها مستخرج رسمي أصلي لتقنين وضعها من العمل ندبا إلي مديرة بمستخرج رسمي أصلي لتقنين وضعها من مديرة بالندب إلي مديرة بمستخرج أصلي لا تحصل عليه إلا من خلال اجتياز تلك المسابقة، الأمر الذي ترتب عليه استبعادها لعدم دخولها المسباقة.
> ملحوظة: يشير رد مديرية التعليم إلي إجراء المسابقة في المدارس الشاغرة، بينما إدارة التعليم الثانوي اعتبرت الوجود بالندب لا يدخل المدرسة في عداد المدارس الشاغرة، بدليل أن مدير المدرسة الرياضية بنين بالندب مازال في مكانه ولم يتعرض لما تعرضت له أ. هدي!!!
ويستطرد رد المديرية في بيان تفاصيل انعقاد اللجنة المنصوص عليها بقرار رئيس مجلس الوزراء لاختيار مديرة جديدة للمدرسة صدر لها مستخرج تسلم عمل علي أن تعود أ. هدي إلي عملها الأصلي وكيلة للثانوية الرياضية بنات وإخلاء مكانها بالمدرسة، إلا أنها رفضت لأكثر من خمسة عشر يوما، لذا تم تشكيل لجنة قانونية لتنفيذ الأمر الإداري بالطرق القانونية التي قيل إنها تمت بسلاسة ودون أي تجاوزات أو عنف أو احتجاز أ. آمال الشربيني وشج رأس أ. سيد عويضة، فلماذا اضطر أحد العاملين بالمدرسة لاستدعاء الشرطة لإتمام إخلاء أو إجلاء أستاذة عن مدرستها؟! وماذا حرر في محضر الشرطة بقسم العرب؟! ذكر الرد وجود شكاوي عديدة ضد أ. هدي دون أن يوضع ما هي، وأنها لا تحضر اجتماعات الفيديوكونفرانس، بالإضافة إلي مجموعة أخري من الاتهامات لماذا لم تحول إلي جهات تحقيق إذا كانت حقيقية؟!!
> ومن النقابة الفرعية للمعلمين ببورسعيد ونقيبها وصل رد موثق بأفظع منه ما تسمح به مساحة المقال.
أولا: تشكيل لجنة الاختيار للوظائف جاء مخالفا للقانون 139 لسنة 81 المضاف بالقانون رقم 155 لسنة 2007، والمعدل بالقانون 93 لسنة 2012، وقرار رئيس مجلس الوزراء 428 لسنة 2013 الذي ينص علي تشكيل لجنة الاختيار وبها نقيب المعلمين كعضو أساسي، إلا أن المديرية أصدرت القرار رقم 162 لسنة 2015 من محافظ بورسعيد مخالفا للقوانين السابقة، ولا يوجد قرار يخالف قانونا، فلا مجال لما ذكر بالقرار 1101 المخالف إن وجد وتم تحويل الأمر للقضاء، والقضية منظورة لإلغاء هذه اللجنة المعيبة.
ثانيا: أ. هدي كان المحافظ المحترم سماح قنديل قد كلفها كمدير عام إدارة شمال، ثم أنهي تكليفها مع عودتها لعملها الأصلي كمديرة مدرسة بورسعيد الثانوية بنات 25/9/2014.
ثالثا: صدر كتاب المديرية من إدارة التعليم الثانوي بالمركزية أن مدرسة بورسعيد الثانوية بنات غير خالية ومسكنة بالأستاذة هدي صالح، مما جعل الأستاذة لا تتقدم للمساقة.
> يتواصل رد نقيب معلمي بورسعيد أ. سمير عبدالوهاب موضحا أن ما ذكر من هجوم رئيس المتابعة وأعضاء إدارة الأمن بالمركزية علي المدرسة واحتجاز مسئولة شئون العاملين وتهديدها وشج رأس أ. سيد عويضة، حقيقي، وتم بحضور نقيب المعلمين الذي استدعي سيارة الإسعاف لحمل الأستاذ المصاب، ومرفق شكوي الوكيلة، وحرر محضر بمعرفة أ. سيد عويضة، وقامت اللجنة المكونة من المتابعة والتوجيه المالي وإدارة الأمن، باصطناع أوراق إخلاء المدرسة وأ. هدي موجودة بمكتبها، وتم إحضار خاتم شعار الجمهورية من إدارة شمال التعليم لختم الأوراق!!
ويتوالي رد نقيب المعلمين في كشف الأوراق المصطنعة بشكوي طالبات وأولياء أمور ضد الأستاذة، بالإضافة إلي اصطناع شخصيات لغير صفاتها الحقيقية، بالإضافة إلي ما يوثقه الرد عن عوار قانوني في شروط وطريقة تعيين المديرة الجديدة، الأمور التي وضعها النقيب أمام النيابة، بالإضافة إلي وقائع مؤسفة كثيرة وردت في الرد لا تسمح المساحة بنشرها، تكشف كيف تصطنع المشكلات في إدارة العملية التعليمية للإطاحة باستقرار التعليم في مدرسة، بينما المدارس تفيض بالمآسي والحوادث المؤسفة، وأثق أن ما ورد من تجاوزات وأخطاء وعوار قانوني ذكره النقيب في رد وراء ما قيل إن جهات تحقيق مكتب وزير التعليم اقترحت أو تمنت علي المحافظ إحالة الملف برمته للنيابة، وهو ما لم يحدث رغم مضي أكثر من شهر علي أزمة لا تتعلق فقط بمصير وكرامة وتاريخ معلمة وأستاذة فاضلة، ولكن كرامة العملية التعليمية، ويترك للمسئول أيا كان هذا المسئول أن يتخذ ما يراه، ولا يكون احترام القانون قاطعا وحاسما!!