تصورت أن حديث الرئيس التليفزيونى أول من أمس سوف يكون توجيهياً أو حتى تعبوياً شبيهاً بأحاديث المدفأة التى صارت تقريباً سياسياً مرعياً زمن الرئيس الأمريكى روزفلت ونجح من خلالها فى أن يحشد شعبية كبيرة وراء بعض الملفات ومنها (النيوديل).
ولم يك حديث الرئيس كمثل ما تعوده تشيرشل فى بريطانيا عبر (بى . بى . سي) فى الموضوعات التى سُميت (موضوعات الذروة). ولكننا وجدنا أنفسنا أمام تقرير معلوماتى يمكن أن نطلق عليه: (تقرير الحالة الرئاسية)، بعبارة أخرى فإنه عملية (تنويرية) يتم فيها إطلاع الناس على كل التطورات. ولا أبغى إفساد فرحتى أو فرحة الناس بإطلاق هذا التقليد الرئاسى الجديد والمهم، ولكنني أتحدث بمنتهى الصراحة لأننى أدرك أن مصر الجديدة هى (دولة ناضجة) وأن الحديث مع قائدها حول قضايا العمل الوطنى ينبغى أن يكون (مفتوحاً .. صادقاً .. وصريحاً).
غلبة الطابع المعلوماتى على تقرير الحالة الرئاسية يعكس أزمة الإعلام والصحافة المصريين اللذين لطالما حاول الرئيس توجيه رموزهما ونجومهما فى جلسات بعضها فى شكل الدوائر المستديرة، فضلاً عن الخطابات العامة والمؤتمرات الصحفية، التى حاول الرئيس فيها- حتي- تشجيع بعض الإعلاميين والصحفيين على الشعور بالألفة والاقتراب.
الآن .. يلجأ الرئيس- مرة أخري- إلى صناعة إعلامه بنفسه لأن اعلاميين ولم يفلحوا فى وضع أياديهم على رؤية الرجل التى كنا نراها بوضوح حين نراقبه، ولكننا نتعرض لتشويش فظيع إذا جاءت إلينا عبر مذيعين وصحفيين يتشاجرون مع بعضهم البعض على أيهم الأكثر حظوة، أو هم يخرجون من أى لقاء مع رئيس الجمهورية ليبلطج كل منهم على مجتمعه الصغير أو الكبير باسم حضوره تلك اللقاءات التى لا تزال آليات الاستدعاء إليها غامضة، وأسمح لنفسى وأقول إنها (تفضيلية).
الرئيس عَبَر على كل هذا، وقدم لنا وسيلة جديدة لتواصله مع الناس، وهو ما نتمنى استمراره.