الصباح
د. رفعت سيد أحمد
قطر اخترقت قبائل الطوارق الليبية لتوجيهها ضد مصر والجزائر
>>واشنطن وتل أبيب دعمتا مؤتمر الدوحة للصلح بين قبائل «التبو » و «الطوارق »
>>الدولة المركزية المستقرة فى مصر والجزائر وسوريا مستهدفة من حلف تركيا وقطر وأمريكا وإسرائيل
>>الدور الروسى فى سوريا أحرز انتصارًا على التحالف المعادى لدمشق

* فى الوقت الذى انشغل فيه العالم الأيام الماضية بتداعيات إسقاط تركيا للطائرة الروسية (سوخوى - 24)، واحتمالات الحرب الواسعة بين البلدين، كانتا تل أبيب وواشنطن عبر قطر يلعبان فى الفناء الخلفى للأمن القومى لكل من مصر، والجزائر، وليبيا، من خلال استخدام ورقة قبائل (التبو والطوارق الليبية) ومحاولة التسلل إليها بدعوى إجراء مصالحة (قبل أيام قليلة) بين بعض فصائلها المتناحرة، لكى يتم توجيههم ناحية مصر والجزائر ودول أخرى، وهى مصالحة سرعان ما أعلنت قيادات أخرى ميدانية لقبائل الطوارق أنها بريئة منها، وأن من ذهب إلى الدوحة ليتصالح لا يحترمونه ولن يقبلوا به ممثلًا لهم، وأن الهدف الخفى وراء تلك الجهود الأمريكية - القطرية هو اختراق مجتمع القبائل وتوجيهه إلى الوجهة السياسية والجغرافية التى يريدون وتحديدًا إلى مصر !!.
إن هذه الورقة المثيرة للالتباس، والتى حاولت الأطراف المعادية لمصر الدولة والثورة (ثورة 30 يونيو) استخدامها تحتاج إلى تأمل، تمامًا مثلما هى حالة العشق والدعم التركى التاريخى لـ(داعش)، والتى تحتاج إلى وقفة تأمل بعد حادث الطائرة. حول ماهية القضية دعونا نسجل الملاحظات التالية:
***
روسيا حين تنتصر ضد المؤامرة الدولية على سوريا
أولًا: إن التاريخ يسجل أنه منذ تفجرت الأزمة السورية (مارس2011) ولتركيا الدور الأكبر فى إشعالها عبر الدعم بالسلاح والمقاتلين وأجهزة المخابرات للجماعات الإرهابية فى سوريا التى أسماها - للأسف - إعلامنا بـ (الثورة)، إن تفكيك سوريا واستنزاف جيشها كان هو الهدف الأساسى لتركيا نيابة عن إسرائيل والولايات المتحدة، وكان للمال القطرى والخليجى والفتاوى الصحراوية المتشددة، الدور المساند لانتشار تلك التنظيمات؛ بالإضافة للمساندة والغطاء السياسى المتعجل من قبل منظومة الجامعة العربية لهذه التنظيمات فى عهدى عمرو موسى ونبيل العربى، أدى هذا جميعه إلى أن تخَّلق من بينها جسد (داعش) كأحد أبرز اللاعبين الإرهابيين فى قلب الدولة السورية التى كانت موحدة، تركيا ساندت تلك الجماعات ومعها بعض دول الخليج وبإشراف تل أبيب وواشنطن، عبر تدريب المقاتلين فى (معسكر أضنة)، ومن خلال سرقة النفط العراقى والسورى وبيعه بأبخس الأثمان الأمر الذى أعطى لداعش وأخواتها من التنظيمات الإرهابية (مثل النصرة وجيش الفتح والجيش الحر وأحرار الشام) قوة اقتصادية وعسكرية كبيرة، تسببت فى قتل وتشريد ما لا يقل عن 5 ملايين سورى (هذه التنظيمات وليس الوهم الذى اخترعوه وأسموه بالبراميل التى يسقطها نظام الأسد) هى التى تسببت فى ذلك، ولكن الإعلام المدجن، وغير الحر قدم خلال السنوات الماضية صورة مغايرة وزائفة لما جرى فى سوريا، قلب العروبة النابض كما أسماها عبد الناصر أو كما وصفها شوقى حين قال (وعز الشرف أوله دمشق).
* وبعد هذه السنوات الأربع العجاف، جاء الدور الروسى ليقلب المائدة فى وجوه التحالف المعادى لسوريا (85 دولة) ويحرز انتصارات واضحة أبرزها إيقاف مؤامرة تركيا لخلق مناطق عازلة، لذلك أسرعت واشنطن وحلف الناتو بإعطاء الضوء الأخضر لتركيا كى تسقط الطائرة وتحاول أن تجر روسيا لحرب أوسع إلا أن (موسكو) أدركت المخطط وأدارته فى الاتجاه المعاكس، وبدأت استراتيجية عسكرية جديدة تمثلت فى (الدفع بأسلحة جديدة لأرض المعركة مثل صواريخ اس 300 واس 400) واقتصادية ضد تركيا ومنها تقليص حجم التبادل التجارى بين روسيا وتركيا والذى يصل لحوالى 45 مليار دولار سنويًا، مع إجراءات أخرى سياسية صارمة ضد من وقف خلف تركيا فى جريمة الطائرة سوخوى 24، وربما أيضًا فى جريمة إسقاط طائرة شرم الشيخ التى تردد أن مستأجريها، شركات سياحية تركية وأنها هى التى زرعت القنبلة قبل أن تتوجه إلى مصر مع توقيتها بدقة عالية، وتم ذلك بالتواطؤ والتخطيط مع المافيا الروسية المعادية لبوتين، وسواء كانت هذه الرواية صحيحة أم لا إلا أن المؤكد لدينا هو أن روسيا سترد وفى أماكن أخرى عبر استراتيجية (روسية وسورية) بغطاء إقليمى سوف يقرب الحل السياسى فى سوريا وهو حل لن يمر إلا عبر الدولة السورية وليس عبر داعش وأخواتها أو أردوغان وقطر والأيام القادمة ستؤكد ذلك.
***
الورقة السرية الجديدة : استخدام قبائل الصحراء ضد مصر
ثانيًا : عندما أدركت القوى المعادية لمسار ثورة 30 يونيو وللدولة المصرية والسورية المتماسكة، أن سوريا بدأت تتعافى وتصمد وتنتصر، بدأت تلك القوى فى التراجع، والذهاب إلى مناطق أخرى (لربيعها العربى الإخوانى) فكانت (محطة مصر)، إلا أن دخولها المباشر طيلة الفترة من 30/6/2013 وحتى اليوم (2015) عبر جماعات الإرهاب المتأسلم فى سيناء أو عبر الإخوان وتنظيمهم الدولى، أثبت فشلًا ذريعًا، ورغم الضجيج الإعلامى القطرى (الجزيرة نموذجًا) إلا أن القافلة المصرية ظلت تسير، ولم تتوقف. عندما رأت كل من واشنطن وتل أبيب عبر قطر ذلك بدأت فى الالتفاف حول مصر من خلال دعم دواعش ليبيا، وخاصة حكومة طرابلس وجماعة أنصار الشريعة وغيرهما، إلا أن الاستراتيجية الأكثر دهاء التى بدأت تلك القوى المعادية لمصر تلعبها منذ أيام، هى استراتيجية اختراق القبائل الليبية المنتشرة على الحدود مع مصر والجزائر وتشاد، وهى قبائل (الطوارق والتبو)، وهى قبائل بها عناصر شاردة وبعض تلك العناصر يسيطر على الطريق الصحراوى الواسع فى جنوب ليبيا وصولًا إلى (مالى)، وبدأت تلك القوى المعادية لمصر خلال هذا العام تستخدم مع المتمردين من تلك القبائل ورقة المال، وإذا علمنا أن هذه المناطق القبلية مشهورة بممرات التهريب للمخدرات والإرهابيين، (لنتذكر أن أغلب ما تعرضت له فرنسا من إرهاب فى منطقة مالى يتم عبر تلك العناصر) فإن خطرًا قادمًا، سيأتى من هناك، خاصة إذا علمنا أن تلك القوى الخليجية ومعها تركيا وإسرائيل تحاول الانتقام من مسار 30/6 وهو المسار الذى أفشل مخطط (بلقنة مصر) وتفكيكها واستنزاف جيشها فى مسارب مرهقة بعيدًا عن دوره الوطنى فى بناء الدولة وحمايتها !!.
* من هنا نفهم (مؤتمر المصالحة الفاشل) الذى عقدته الدوحة قبل أيام بين قبائل التبو والطوارق ونفهم خطورته على أمن مصر القومى، وننبه فى الوقت ذاته لتداعيات هذا الملف السرى الذى يلعب فيه الحلف المعادى لمصر مع الدواعش الأفارقة الجدد.
***
إن مصر كما سوريا، وليبيا والجزائر، باعتبارهم دولًا كبرى متماسكة وذات عراقة وتاريخ وليست دولًا أتت بفعل النفط أو الصدفة التاريخية. إن هذه الدول المركزية مستهدفة من هذا الحلف غير المقدس الذى يجمع تركيا وإسرائيل بواشنطن والدوحة... بداعش وأخواته؛ ومن المهم للغاية اليقظة لتلك المخططات وكشفها أمام الرأى العام، وبقوة، قبل أن تترجم إلى سياسات على أرض الواقع. حفظ الله مصر وشعبها العظيم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف