الصباح
كمال حبيب
من أين يستمد داعش قوة دولته؟
>>النفط:يسعى للسيطرة على الهلال النفطى فى ليبيا لتعزيز مصادره يمتلك 22 حقلًا نفطيًا.. ويمتلك القدرة على إنتاج أكثر من 70 ألف برميل يوميًا
>>الخلايا النائمة:العمليات الفردية التى تنفذها «الذئاب المفردة» ظهرت فى إطلاق النيران خلال «مذبحة كاليفورنيا»
التسليح: 100 نوع من السلاح والذخائر تم توريدها من 25 دولة تم توريدها إلى تنظيم الدولة

نشرت صحيفة الجارديان وثيقة مسربة عن تنظيم داعش تكشف عن خطورة التنظيم ووضعه لأسس بناء دولته التى يريد أن يعلنها خلافة، فى هذه الوثيقة اعتبر التنظيم أن أهم مصادر تمويله التى يسعى للحصول عليها لتعزيز مكانته داخليًا وإقليميًا ودوليًا هو النفط، وبالتالى فالنفط يعد أهم المصادر التى يسعى داعش لوضع يده عليها سواء فى العراق أو فى سوريا، كما أن المعلومات تتحدث عن أوامر أصدرها التنظيم لمقاتليه وعائلاتهم بالانتقال إلى لييبا باعتبارها ملاذًا آمنا بديلًا عن الأراضى التى يسيطر عليها التنظيم فعلًا فى سوريا والعراق، وهى أراضٍ ممتدة وكبيرة تبلغ حجم دولة كبريطانيا.
ويسعى داعش إلى وضع يده على الهلال النفطى فى ليبيا، وذلك حتى يكون مصدر تمويله الذى يكسبه قوة ونفوذًا، ومن هنا كان تركيز التنظيم على منطقة سرت مسقط رأس القذافى واستكملوا سيطرتهم على مدينة هراوة القريبة من ميناء رأس لانوف النفطى وحقل المبروك النفطى.
فى نفس الوثيقة المسربة التى تعكس تصورات التنظيم عن أدواته للاستمرار قدمًا فى تثبيت أقدامه نحو ما يعتبره خلافة إسلامية أشارت إلى أن الاستثمار فى النفط مقصور على الدولة، وكذلك الاستثمار فى الذهب والآثار، والسلاح، وهو ما يعنى أهمية النفط فى تصور داعش وأهمية السلاح التى سنشير إليها فيما بعد.
وتشير المعلومات إلى أن تنظيم داعش يمتلك 22 حقلًا نفطيًا مقسمة بين سوريا والعراق، وأن هناك أرقامًا غير مؤكدة تتحدث عن قدرة التنظيم على إنتاج من 70 ألفًا إلى 80 ألف برميل يوميًا، وهو ما يوفر له دخلًا شهيرًا هائلًا لا يقل عن مئة مليون دولار، وهو ما يؤمن له مصدرًا للإنفاق على مشاريعه المختلفة، وأهمها الدفع للمقاتلين الأجانب الذين يصلون إليه من دول العالم المختلفة التى يقدر أنها مئة دولة من دول العالم، كما تشير التقديرات أن هؤلاء المقاتلين الأجانب من العالم لا يقلون عن 30 ألف مقاتل منهم على الأقل خمسة آلاف مقاتل من دول أوروبا وأمريكا.
فجر الخلاف بين روسيا وتركيا بسبب إسقاط تركيا للطائرة الروسية وقتل طيارها ما كان مسكوتًا عنه بشأن تهريب النفط الداعشى إلى تركيا بل شراؤه الرئيس الروسى بوتين تحدث عن أن تركيا متهمة بشراء النفط من داعش، وأن أردوغان نفسه وأسرته وبعض كبار المسئولين فى تركيا ضالعون فى هذه التجارة السرية، وهو ما جعل أردوغان يرد بقوله أنه سيستقيل - لو ثبتت الادعاءات الروسية- بأنه أو مسئولين فى بلاده يتاجرون فى النفط الداعشى أو يسمحون رسميًا بتمريره عبر أراضى بلاده التى تملك الحدود الأهم والأطول مع سوريا والعراق، ورغم أن أمريكا وقفت إلى جانب تركيا فى أزمة اتهامها ورئيسها وبعض مسئوليها بالاتجار فى نفط داعش، واعتبرت ذلك اتهامًا سخيفًا إلا أن تصريحات الرئيس أوباما نفسه فى قمة المناخ كانت تتحدث عن ضرورة إغلاق الحدود التركية السورية «وأكد على أن هناك 98 كلم من الشريط الحدودى بين سوريا وتركيا يستخدمها داعش فى نقل نفطه إلى تركيا، وهو ما يضمن له تمويلًا محترمًا لتنفيذ عملياته الإرهابية».
ليست تركيا وحدها فى الحقيقة من يشترى نفط داعش، وإنما يشتريه أيضًا النظام السورى الذى فقد سيطرته تقريبًا على أغلب حقول النفط لصالح داعش والمعارضة بيد إن المعارضة لم تستطع استمرار بسط سلطانها على حقول النفط التى تحت أيديها فتركتها لداعش، وهو ما جعله يتحكم فى السوق النفطى فى سوريا حيث يبيع للنظام ويبيع للمعارضة أيضا لأنها تحتاج إلى النفط.
وكانت بعض العشائر وضعت أيديها على بعض حقول النفط إلا أن داعش أرغمها على تركها لصالح، وأصبح هو من يتحكم فى مصير النفط السورى والذى يستخدمه لشراء ولاءات قادة تلك العشائر، كما أن حاجته للفنيين والمهنيين المتدربين وذوى الخبرة من النظام السورى تجعله يتردد فى مقاتلة النظام لضمان استمرار تدفق النفط الذى يدر له ثروة هائلة بالملايين شهريًا - كما أوضحنا وبالمليارات كما قدر الرئيس الروسى «بوتين» فى مجال كشفه عن تركيا كمشترٍ للنفط الداعشى.
اكتسب تنظيم داعش قدرة كبيرة على تهريب النفط والتواصل مع سماسرته الذين يبيعونه بأسعار أرخص من سعره الحقيقى فى السوق، وتتحدث تقارير عن أن الكيان الصهيونى الاستيطانى هو أحد الأسواق التى يصل إليها نفط داعش.
لا يستمد داعش قوته فقط من النفط، وإنما من السلاح الذى حصل عليه من مخازن جيوش الدول الذى سقطت أراضيها ومدنها تحت سطوته، ويعد أكبر المصادر التى حصل عليها من مخازن الجيش العراقى خاصة بعد سقوط الموصل العام الماضى وانهيار الجيش العراقى المفاجئ أمامه بسبب الفساد والطائفية.
وتشير منظمة العفو الدولية فى آخر تقرير لها بعنوان «جردة حساب.. تسليح تنظيم الدولة الإسلامية» إلى مئة نوع من السلاح والذخائر تم توريدها من 25 دولة على الأقل، ويرجع أغلبها إلى أسلحة روسية وأمريكية تم توريدها إلى الجيش العراقى إبان حربه مع إيران، كما كانت هناك توريدات أمريكية كبيرة للسلاح عقب عام 2003، ويعد الحصول على السلاح كغنائم أحد مصادر السلاح لداعش، وهناك أسلحة أمريكية وصلت إليه بطريق الخطأ، وأسلحة أخرى تصل إليه عن طريق التجارة غير المشروعة، وأيضًا عن طريق الجنود الفارين من الخدمة فى العراق وسوريا، ويستخدم مقاتلو التنظيم هذه الأسلحة للاستعراض على وسائل التواصل الاجتماعى التى يمتلكهاالتنظيم.
وتتحدث تقارير عن احتمال امتلاك داعش لسلاح غير تقليدى كما أشارت مجلة «دابق» التى يصدرها خلال عام، وهناك تقارير غير مؤكدة عن استخدامه السلاح الكيماوى فى كوبانى وفى الحسكة.
لا يتوقف أمر خطر داعش وقوته فى نفس الوقت على النفط والسلاح وإنما يشمل أيضا تلك الخلايا النائمة التى يمكن أن تعبر عن نفسها فى عمليات ذات طابع فردى يطلق عليها «الذئاب المفردة»، والتى عبرت عن نفسها فى «مذبحة كاليفورنيا» التى نفذها سيد فاروق وزوجته «تشفين مالك»، واللذان أطلقا النار على حفل لموظفى الخدمات الاجتماعية بعضهم كانوا زملاء لسيد فاروق فى العمل، وقد قتل نتيجة لذلك أربعة عشر قتيلًا، وأصيب ستة وعشرون، وتم العثور فى منزلهما على ترسانة أسلحة بعضها عبوات ناسفة مجهزة وطلقات رصاص، وأعلن داعش عن قرب المنفذين بأفكاره وخططه للهجوم فى أمريكا.
وأيضا منفذ حادث الطعن فى مترو أنفاق لندن «محيى الدين مير» والذى طعن ثلاثة أشخاص فى نفس الأسبوع الذى صوت فيه البرلمان البريطانى لتوسيع الغارات الجوية فى سوريا والعراق فى إطار الحرب على داعش، ويقال إن المنفذ كبر، وأشار إلى أن ذلك من أجل سوريا.
كما أن الخلايا النائمة يمكن استخدامها فى عمليات كبرى ومنظمة، كما حدث فى عملية باريس، والتى استخدمت فيها تلك الخلايات من بلجيكا وفرنسا لتنفيذ العملية الضخمة التى راح ضحيتها 172 قتيلًا، وهى العملية الإرهابية الكبرى التى عرفتها البلاد وأراد بها التنظيم أن يشير إلى قدرته لضرب المناطق التى يعتبرها رخوة فى أوروبا عبر الخلايا النائمة هناك.
التنظيم يجب أن نأخذه على محمل الجد، بيد إن ذلك لا يعنى أن مشروعه سيتحقق، فمشروع الوحشية والعنف الدموى الذى يعلنه يحمل فى طياته بذور فنائه، لذلك فمثل تلك المشاريع قد تمثل تهديدًا أو ضغطًا على النظام الدولى والإقليمى، لكنه لن يغير العالم عبر تحقيق مشروعه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف