>>نواب (التهريج) يسيئون للحكومة فى الظاهر ويحققون لها هدفها فى ابتذال البرلمان من الباطن
>>البرلمان يضم أعلى نسبة لتمثيل النساء والأقباط والشباب فى تاريخ مصر لكن (المحامى) و(الإعلامى) خطفا الأضواء من النماذج المشرفة
>>ما يمارسه ائتلاف دعم الدولة المصرية (غشومية سياسية) تدل على عدم الوعى بمعنى البرلمان
>>رفض تعيين بعض المعارضين فى البرلمان نوع آخر من التهريج السياسى وتأييد للرئيس على طريقة (الدبة) التى أضرت بصاحبها
>> هل هذا الأداء الصاخب والصارخ أفضل من رنين الصمت فى بلد لا تسمع فيه صوتًا إلا لتمتمات الموظفين وصيحات المداحين فى مواكب النفاق السياسى ؟
>> كتاب )الغشومية(السياسية ما زالت فيه فصول لم تقرأ بعد، حيث تستكثر بعض دوائر السلطة ومقربيها أن تضم نسبة ال 5 فى المائة التى يعينها الرئيس بعض الوجوه المعارضة من داخل معسكر30 يونيو
فى مصر فقط.. تستطيع أن تجد برهانًا على الشىء وعكسه فى نفس اللحظة.
فى مصر فقط تستطيع أن تثبت الحقيقة والحقيقة المضادة بنفس الحجج والبراهين.
أكبر دليل على ذلك ما يجرى حاليًا من ترتيبات لانعقاد مجلس النواب فى أول العام.
القاعدة تقول إن مجلس نواب قوى هو بداية لحياة سياسية قوية، وتقول أيضًا إن نوابا أقوياء فى مواجهة الحكومة يبشرون بدور قوى للبرلمان فى الرقابة، وفى تشريع القوانين، ولكن لأننا فى مصر.. ولأن (التهريج ) السياسى يطغى على الأداء السياسى المحترم، ولأن السياسة ماتت أو كادت تموت بمعناها الحقيقى، تحول (المهرج) إلى زعيم سياسى، وتحولت المعارك الهامشية والتافهة إلى أخبار تحتل المرتبة الأولى فى سباق المتابعة وتعليقات القراء، وتحولت تصريحات بعض كبار المهرجين وسبابهم لبعض الوزراء إلى المادة الأعلى تعليقًا، والأكثر مشاهدة على القنوات الفضائية وعلى (يوتيوب) أيضًا.
السؤال الذى يواجهك وأنت تطالع بشائر التهريج السياسى القادم فى مجلس الشعب.. هو الذى أوصل هؤلاء لأن يكونوا معبرين عن الشعب وبأعلى الأصوات أيضا ؟ من الذى ملّكهم رقاب الجماهير ؟ ما هى مسئولية الدولة ؟
وما هى أيضًا مسئولية النخبة السياسية المحنطة والمشمئنطة والمكتئبة، والتى لاتغادر مقاهى وسط البلد إلا لتعود إليها مرة أخرى ؟
السؤال الآخر الذى يواجهك إذا لم تكن طرفًا فى لعبة المصالح ؟ هل تسكت عن مثل هذا الأداء المبتذل لأنك تطمح فى أعضاء برلمان لديهم القدرة على المواجهة؟
هل هذا الأداء الصاخب والصارخ أفضل من رنين الصمت فى بلد لا تسمع فيه صوتًا إلا لتمتمات الموظفين وصيحات المداحين فى مواكب النفاق السياسى ؟
الإجابة بالطبع هى لا.. لأن هذا الأداء التهريجى لا يهدف - فى المدى البعيد - إلا لمزيد من ابتذال العمل السياسى والبرلمانى، ولمزيد من تشويه الصورة التى تبدو مشوهة من الأساس.
فالحقيقة التى لا يمكن إنكارها أن مجلس النواب رغم كل التحفظات والاعتراضات يحتوى على أكبر نسبة من النواب الشباب، وهم فى معظمهم وجوه سياسية واعدة، كما يضم أكبر كتلة نسائية يشهدها برلمان مصرى (78) نائبة، وهو يضم أيضًا أكبر عدد من النواب الأقباط تم انتخابه فى تاريخ البرلمانات المصرية، وهو يضم بين جنباته قصصًا لا بأس بها عن نواب فقراء استطاعوا تحدى سطوة المال السياسى وحققوا قصص نجاح لا بأس بها.
لكن كل هذا اختفى لحساب نائبين اثنين احترفا التهريج السياسى، وتم اختصار مجلس النواب كله فى تصريحات أحدهما (النارية) وتصريحات ثانيهما (الكوميدية) والغريب أن التصريحات تبدو فى ظاهرها هجومًا على الحكومة وبعض وزرائها وتحرشًا سياسيًا بها، فى حين أن إمعان النظر يؤكد أن ما يفعله نواب التهريج السياسى من ابتذال لمجلس الشعب، ولمعنى المعارضة، ومن تعتيم على الإيجابيات القليلة فى المجلس ليس سوى أكبر خدمة للحكومة، أو لجهات يهمها أن يبقى مجلس النواب دائمًا مسخًا مشوهًا فى نظر الرأى العام.
على أن ما يفعله (المحامى) و(الإعلامى) ليس هو الفصل الوحيد من فصول التهريج السياسى فى المجلس الوليد، فما يفعله أعضاء قائمة (فى حب مصر) لا يقل غشومية سياسية ولا إضعافًا لمجلس النواب عما يفعله (المحامى) و (الإعلامى) حيث يسعى الائتلاف بغشومية ساحقة إلى حشد أكبر عدد من النواب فى ائتلاف أطلق عليه (ائتلاف دعم الدولة المصرية)، وهو ما يفهم منه أن النواب الذين لم ينضموا للائتلاف هم أعداء الدولة المصرية!
والمدهش أننى قبل الانتخابات سمعت تصريحًا للواء سامح سيف اليزل لم يخل من الحكمة، قال فيه إنه سيسعى لتشكيل ائتلاف يضم 350 نائبًا فقط، وبرر ذلك بأن العدد يشكل 51 فى المائة من النواب، وهى نسبة تكفى لتمرير أى قانون تريده الحكومة.
لكن (الغشومية) السياسية، وتهافت بعض النواب أيضا أديا لارتفاع عدد نواب الائتلاف إلى 400 عضو قابلين للزيادة، وهذا كما قلت تعبير عن غشومية سياسية وعن قله خبرة، وعدم وعى بضرورة (هندسة) المشهد السياسى بما يكفل تعبير النواب عن كل ألوان الطيف المصرى، وكذلك وجود وجهات نظر متباينة ومتفاوتة فى مناقشة القضايا والموضوعات المختلفة، وهو تنوع يثرى الدولة المصرية ولا يخصم منها، ويقوى من أداء الحكومة - إذا كان لها أداء من الأساس- ولا يضعفه كما يتخيل البعض من محدودى الخيال.
والكارثة الأكبر، ولكى يزيد الطين بلة أن وثيقة عضوية ائتلاف دعم الدولة تشترط على العضو المنضم - وفقًا للفقيه القانونى د محمد نور فرحات أن يتخلى عن انتماءاته السياسية والحزبية والفكرية قبل الانضمام للائتلاف، وهو ما يعنى أن الائتلاف يبحث عن عساكر أمن مركزى، وليس عن نواب يمثلون الشعب، فضلًا عن أن تغيير الانتماء بعد الفوز مخالفة دستورية ينتج عنها إسقاط العضوية.
على أن كتاب (الغشومية) السياسية ما زالت فيه فصول لم تقرأ بعد، حيث تستكثر بعض دوائر السلطة ومقربيها أن تضم نسبة الـ5 فى المائة التى يعينها الرئيس بعض الوجوه المعارضة من داخل معسكر 30يونيو، وترى أنه من الأولى أن تضم قوائم التعيين كفاءات قانونية وعلمية مختلفة، والحقيقة أن التعييم يتم فى مجلس الشعب، وليس فى مجلس جامعة القاهرة، ولذلك من الطبيعى أن يتم تعيين سياسيين من مختلف ألوان الطيف السياسى، كما أن الواقع يقول إن المجلس ليس فى حاجة إلى مزيد من الهتيفة والمؤيدين، ولكن إلى أصوات محترمة وواعية تساهم فى تحسين صورة المجلس فى عيون العالم.
لكن الدبة لا تجيد شيئًا سوى أن تقتل صاحبها بدعوى الحب.