* في يوم مولدك ندعوك أن تصفح عنا ؟ وأن تسامحنا ؟أن لا تغضب منا ؟أن تلتمس الأعذار لنا ؟ فحياتنا كلها أشواك في أشواك .. عذراً سيدي لقد قصرنا وغفلنا وابتعدنا عن نهجك كثيراً .
* نشرت الحب وأذعنا الكراهية .. يسرت وعسرنا .. رفعت الإصر والأغلال وأعدنا كل الأغلال وقيدنا بها أنفسنا .. بشرت ونفرنا .. جمعت وفرقنا .. ألفت القلوب علي الإيمان واليقين والدين وصرفناها عن ذلك كله ؟ زهدت في الدنيا فعشقناها وأقبلنا عليها فلم نبال بحلالها أو حرامها .. لم نبال ما نجمعه منها وما نضمه إلينا من متاعها مادامت فيه مصالحنا وراحتنا وشهواتنا وأهوائنا .. قمت الليل فنمناه .. ذكرت الله كثيراً فذكرناه قليلاً .. أكثرت الاستغفار وأنت بلا ذنوب مع مغفرة الله لك .. ولم نستغفره إلا قليلاً رغم أن ذنوبنا مثقال الجبال ..راجعت رأيك مراراً مع مراجعات أصحابك وخاصة عمر بن الخطاب ونحن نستنكف أن نراجع أنفسنا مع أن الخطأ يركبنا بالليل قبل النهار .. قلت عن الصلاة "أرحنا بها يا بلال " فأديناها بلا خشوع ولا خضوع ولا تأمل ولا تدبر وكأننا نريد أن نستريح منها لا بها .. وكأنها همّ نريد أن نفارقه ونتركه .. جعلت قرة عينك في الصلاة وجعلت قرة أعيننا في الدينار والدرهم والدولار والمرأة الجميلة والفتيات المتبرجات الفاتنات .. أمرت بالحجاب فإذا بالاسترتش والميني جيب والميكرو جيب والملابس الغربية تغزو أمتك .. وإذا بالبعض يدعوا إلي خلع الحجاب .. وهو لا يريد خلع عفة الظاهر فحسب بل معها عفة الباطن " ولباس التقوى ذلك خير " .
* لم تترك كسائر الأنبياء ديناراً ولا درهماً ولكنك ورثت دعوة تبلغ وعلماً يورث ورسالة سامية تتناقلها الأجيال فغفلنا عن تبليغ دعوتك وضيعنا الكثير من رسالتك ولم نهتم بالعلم الشريف الذي تركته حتي أهملته الأجيال فصار أثراً بعد عين .
* حكمت فعدلت حتي قلت في نهاية عمرك بتواضع تخجل منه أجيالنا " من كنت قد جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليستقد منه ومن كنت قد أخذت منه مالا فهذا مالي فليأخذ منه " .. ومعظم من حكم الناس ظلم من بداية الأمويين وحتي اليوم إلا من عصم الله وهم قليل .. فلم تر أمتك العدل السياسي أو الاجتماعي أو الشورى الحقيقية أو تقديم الكفاءة علي الولاء إلا نادراً .
* رفضت أن تفرق جمع رعيتك أو توردهم أسباب الشقاق والخلاف والصراع يوم أبيت أن تقتل زعيم المنافقين "عبد الله بن سلول " تعظيماً للشهادتين "ولئلا يقول الناس إن محمداً يقتل أصحابه " .. راعيت يا سيدي الرأي العام لخصومك وأعدائك من قريش رغم أنهم ليسوا مسلمين .. حتي لا يظنوا بالإسلام شراً وسوءً .. واليوم السنة تذبح الشيعة .. والشيعة يذبحون السنة .. وداعش تحارب النصرة .. والسوري يقتل السوري ، والعراقي يقتل العراقي، واليمني يقتل اليمني دون أن يتوقف أحد من هؤلاء عن غيه خوفاً علي سمعة الإسلام .. أو خشية نفور الناس من الدين .
* يا سيدي يا رسول الله لقد جمعت إلي جوارك واحتضنت بلال الحبشي مع صهيب الرومي وسلمان الفارسي وخالد المخزومي وعثمان بن عفان الأموي وسعد بن عبادة الخزرجى وسعد بن معاذ الأوسي .. وصهرتهم في بوتقة واحدة من الإيمان والأخوة والمساواة.. أما نحن فمزقنا أنفسنا بأنفسنا .. ولم نحسن سوي الصراع علي الدنيا أو السلطة والتزاحم عليها .. فدبت الكراهية والبغضاء والإقصاء بيننا .
* فهل تسامحنا يا سيدي يا رسول الله فقد قام بعضنا بالفصل بين الدين والحياة .. وأنشأ آخرون صراعا وهمياً بين الدين والعلم .. ومعركة مفتعلة بين الدنيا والآخرة .. وخلط آخرون بين التوكل والتواكل .. وأقام البعض حاجزاً بين النص والعقل .. وبين الخلق والخالق سبحانه .
* يا سيدي يا رسول الله تركت لنا الإسلام ديناً قوياً غضاً طرياً نابضاً فتياً ديناميكياً متحركاً .. فحولناه إلي دين جامد أستاتيكي لا روح فيه ولا حياة يقبع ذليلاً في المساجد والزوايا يتوجس خيفة من الانفتاح علي الحياة والتفاعل معها وعلي غير المسلمين .. وأصبحنا لا نفرق بين ثوابت الدين التي تحفظه ومتغيراته التي تؤهله للتفاعل الجيد مع الحياة وسائر المجتمعات .
* يا سيدي .. اختار الله لك أصحابك الأطهار فأراد البعض شتمهم وسبهم .. واختار الله لك زوجاتك فتطاول البعض عليهن .. وأنت قلت يا سيدي "الله الله في أصحابي " أي اتقوا الله في أصحابي .. فلم نتق الله فيهم .
* يا سيدي عفوت عن ستة آلاف أسير مشرك في حنين لأنك رضعت في قبيلتهم .. واليوم يحرق بعض الأسري ويذبح أو يعذب بعضهم وكأن أمتك كلها حكاماً وجماعات لم تسمع قوله تعالي " ويطعمون الطعام علي حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً " .. يا سيدي عذراً علي الغفلة والتقصير .