الوطن
امال عثمان
كلنا «حماصة».. ولا عزاء للضحايا!
تطن فى أذنى بإلحاح تلك الكلمات الصادمة التى جاءت على لسان أهل منطقة إمبابة، هذه المنطقة الشعبية التى يقطن فيها «حماصة»، الشاب ذو الثمانية عشر ربيعاً، والمتسبب فى إشعال محرقة الملهى الليلى بالعجوزة، فحين ذهب الزميل الصحفى محمد سعيد، محرر جريدة «الوطن»، ليتقصى معلومات عن المتهم الذى كان وراء جريمة راح ضحيتها 16 إنساناً، كشفت إجابات السكان فى الحى عن أن هناك عشرات الشباب يحملون هذه الكنية أو الصفة فى المنطقة، بل إن شئت فقل إن إمبابة كلها «حماصة»! هذا اللقب الشقى الذى يعكس حالة البلطجة وانهيار القيم والفساد الأخلاقى الذى بات يحكم سلوك الكثير من المصريين، ويهيمن على عقول وفكر الشباب ليس فى الأزقة والعشوائيات فحسب، بل فى كل شوارع وميادين الأحياء الراقية منها قبل الشعبية!!

إن حادث الملهى الليلى فى العجوزة لم يكن سوى انعكاس للمفاهيم المغلوطة والقيم الفاسدة التى ترسخت لدى شريحة عريضة من المصريين، هؤلاء الذين تصوروا أن الثورات الشعبية تأتى لتحطم جدار الخوف من القانون، وتضرب بهيبة الدولة عرض الحائط، وتحصن البشر من عقوبة ارتكاب الخطايا والجرائم، اختلطت الأمور وصارت الحرية التى تنشدها الشعوب، ما هى إلا ترسيخ للفوضى وفرض شريعة الغاب، وأصبحت «الجدعنة» تعنى الحصول على ما تريد بالذراع والقوة والبلطجة.

فالواقع يقول إن شوارع مصر ما زالت مرتعاً للفوضى والبلطجة وعدم احترام القانون، صحيح أننا أصبحنا أفضل مما كنا عليه قبل سنوات، لكن الصحيح أيضاً أن هناك جيلاً كاملاً انتقل من الطفولة إلى المراهقة فى ظل تلك المفاهيم المدمرة والقيم الفاسدة، وفى وقت انشغال الأمن فيه بمحاربة الإرهاب، جيل وقع فريسة للنشطاء والنخبة، يا سادة إن «حماصة» وإخوانه موجودون على النواصى وفى الميادين حتى الساعات الأولى من الصباح، ومنتشرون أمام الكافتيريات والملاهى، وإنهم يتناولون المخدرات ويتسابقون بالسيارات والدراجات البخارية منزوعة الشكمانات دون رادع أو حائل، يتشاجرون ويتعاركون ويتقاتلون، ويرهبون السكان ويهددون سلامة الآمنين، ويسلبون النوم والراحة من الناس المسالمين، ويتحدون القوانين ولا حياة لمن ينادى!

إن العديد من الجرائم التى ألقت بظلها على المجتمع ارتكبها شباب مراهق أفلت من العقوبات فى ظل قانون يفرض على المجتمع تحصين هؤلاء المجرمين تحت ذريعة حماية الطفولة! بالله عليكم كيف يمكن أن نعتبر من انتهك واغتصب وقتل وحرق مجرد «حدث»، ولا يجوز تطبيق أحكام قانون الجنايات عليه؟! كيف ندعو لتبرئة من اغتال وفجر وسلب ونهب وخطف وارتاد الكباريهات والمواخير، لا لشىء سوى أنه لم يكمل عامه الثامن عشر؟! لماذا نحمى المجرمين ونتجاهل الضحية؟! لماذا نحصن القتلة ونشجع على الإجرام فى المجتمع؟! كيف نقف صامتين فى ظل تصاعد هذا العنف والوحشية والإجرام الذى أصاب هذا الجيل؟! أين دور علماء الاجتماع والطب النفسى والسلوكيات من دراسة تلك الظاهرة الخطيرة؟!

إننى أطالب أعضاء البرلمان الجديد بأن يضعوا تلك القضية على قائمة أولوياتهم، وأن يعيدوا النظر فى هذا القانون الشائن الذى يهدر حقوق الضحايا وأهاليهم، ويشجع الشباب على مزيد من العنف والوحشية والإجرام، ويتيح لمن اغتصب وقتل الطفلة «زينة» والطفل «عبدالرحمن» و«يوسف» وغيرهم، أن يخرج ليغتصب ويقتل عشرات الأطفال مثلهم، ويجعل من أحرق 16 إنساناً، وطعن زميل دراسته وأودى بحياته يعيد الكرة مرات ومرات!!

ارفعوا الظلم والظلمات ولا تجهضوا أحلامنا وكفاكم عبثاً بالوطن!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف