أثار إعلان تحالف «فى حب مصر» الكثير من الجدل فى الأوساط السياسية والحزبية، والبعض اعتقد أنها محاولة لإعادة إحياء الحزب الوطنى الديمقراطى من جديد، فلم يكن تحالف «فى حب مصر» الانتخابى موفقاً فى إعلان تحالف واسع فى البرلمان يضم حوالى ٤٠٠ نائب تحت اسم تحالف دعم الدولة، لأن الأصل أن كل أعضاء البرلمان هم جزء من سلطة من سلطات الدولة الثلاث وهى السلطة التشريعية التى تراقب أداء السلطة التنفيذية وتصنع القوانين التى تطبقها السلطة القضائية، ولأنه بالمفهوم المعاكس هذا يعنى من ليس فى هذا التحالف هو معادٍ للدولة وهو لا يستقيم أبداً مع ما سبق إيضاحه بأن الأعضاء جزء من سلطة من سلطات الدولة.
يجوز طبعاً تشكيل تحالفات سياسية داخل البرلمان بمعنى أن الأحزاب والنواب المستقلين الذين يتوافقون على برنامج سياسى محدد يتفق مع برامجهم وأفكارهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية يمكنهم بالطبع أن يتحالفوا داخل البرلمان ويشكلون كتلة سياسية تنسق فى التصويت سواء على القوانين أو برنامج الحكومة، ففى كثير من الدول الديمقراطية نجد تحالفاً بين عدة أحزاب يحكم وأيضاً ينسق المواقف فى البرلمان، فى فرنسا «الاشتراكيون» تحالف يضم عدداً من أحزاب اليسار وهو الحزب الحاكم الذى منه الرئيس أولاند الآن وصاحب تحالف الأغلبية فى البرلمان، وهناك فى المعارضة تحالف يضم أحزاب اليمين ومنهم حزب ساركوزى، الذى فاز فى الانتخابات المحلية بعد انسحاب مرشحى اليسار، الذين انسحبوا حتى يفوتوا الفرصة على اليمين المتطرف بقيادة مارى لويان، وفى ألمانيا أيضاً هناك تحالف حصل على الأغلبية فى البرلمان ويحكم بقيادة الحزب المسيحى الديمقراطى بقيادة المستشارة ميركل.
الفارق بين التحالف الانتخابى والتحالف السياسى أن التحالف الانتخابى يهدف إلى خوض الانتخابات ضمن قائمة أو تنسيق فى الدوائر الفردى دون أى التزام بمواقف سياسية أو رؤى أيديولوجية وينتهى بانتهاء الانتخابات، بينما التحالف السياسى هو تحالف بين أحزاب تتفق فى البرنامج السياسى والاقتصادى والاجتماعى وهو تحالف دائماً ينتهى بخروج أى من الأحزاب المشاركة. بما يؤثر فى نسبة الأغلبية أو الأكثرية وهو يهدف إلى تشكيل حكومة ائتلافية، ويمكن أن يتفق الائتلاف على شخص رئيس الحكومة وبالتالى تصاحبه مفاوضات تشكيل الحكومة وتوزيع الحقائب الوزارية.
الحقيقة أننا نريد برلماناً يمثل الشعب المصرى تمثيلاً صحيحاً ويحمى مصالحه، حتى لو كانت ضد مواقف الحكومة؛ مثلاً على البرلمان أن يعارض مفاوضات سد النهضة الفاشلة، التى كادت أن تضحى بمصالح الدولة المصرية من أجل علاقات سياسية مع إثيوبيا، فرغم اعتراف مصر بحق إثيوبيا بإنشاء سد النهضة قبل أن نعرف إذا كان السد يضرب مصالحنا أم لا وهل يؤثر على تدفق المياه وقوة اندفاعها لتصل إلى مصر، وهل سيتحول نهر النيل إلى ترعة وتعانى آلاف الأفدنة من العطش والبوار، وحتى الآن لم تعترف إثيوبيا بأى من الاتفاقيات الدولية لنهر النيل التى تعطى لمصر حقوقاً تاريخية فى نهر النيل، ولم تعترف باتفاقية ١٩٥٩ بين مصر والسودان التى تحدد حصة مصر بـ٥٥ مليار متر مكعب من المياه، هل يقبل البرلمان الإضرار بمصالح مصر من أجل دعم الحكومة القائمة؟! مكافحة الفساد تتطلب استخداماً للأدوات البرلمانية بما فى ذلك الاستجواب وبعثات تقصى الحقائق ضد الوزارات التى يعشش فيها الفساد، والمحليات التى تتاجر فى الخدمات الحكومية ومصالح الناس، دور البرلمان المطلوب، الذى ينص عليه الدستور، الرقابة على الحكومة وتأكيد مبادئ الشفافية والمحاسبة واحترام القانون وتنفيذه وما نحتاجه برلمان لدعم الشعب وليس لدعم الدولة.