أشرف عزب
باسم العدل.. والشعب.. والقانون
القضاء تلك المنصة المقدسة البعيدة عن حديث الذم أو شعارات المديح، تلك الرقعة المقدسة التي يجب ألا نتحدث عنها - وإذا حدث - فقد أتيت فعلاَ عظيماً لن تهرب من عواقبه في أي مكان وإن اختبأت في باطن الأرض أو دفنت نفسك في الرمال، أو حاولت بعثرة تراب جسدك في الهواء حتي لا يراك الناس !!، يجب على الجميع احترامها.
نعم نحن نتفهم معني احترام القضاء وعدم الزج به في المعارك السياسية أو الحكم عليه من منصة الأهواء الشخصية لكل مواطن في قضايا الرأي العام وغيرها، لأنه في النهاية - أي القضاء - هو الحصن والقلعة التي نلجأ إليها بحثاً عن العدالة في الأرض .
ولكن التصريحات الإعلامية الأخيرة للمستشار محمد ناجي شحاتة، وما أثارته من جدل واسع بين صفوف الرأي العام، كان فيها هو القاضي والجلاد، كان فيها هو الخصم والحكم، وكان فيها هو صاحب التصريح بالصوت والصورة ونفيه.
المعارضون من أهل القضاء لهذا التصريحات قالوا:
صرح وزير العدل الأسبق المستشار أحمد سليمان لأحد المواقع الإخبارية تعليقاً علي حوار سيادة المستشار وقال: «إنه كان يجب منذ البداية عدم إسناد قضايا إلى المستشار ناجي شحاتة وكل من ثارت حوله الشبهات، بسبب تقديم شكاوى ضده في قضية تزوير انتخابات مجلس الشعب عام 2005 عن دائرة الزرقا بدمياط، إلا أنه تم حفظ التحقيق ضده قبيل إجراء محاكمات الإخوان.
والسؤال - والكلام لكاتب هذه السطور - لماذا تم حفظ التحقيق مع المستشار ناجي شحاتة؟.. ولماذا تم إسناد قضايا له بعد تقديم شكاوي ضده في قضية تزوير انتخابات مجلس الشعب عام 2005؟.. هذه الأسئلة تحتاج إلي إجابات ونحن في انتظارها.
وشدد سليمان في ذات السياق على أنه عقب تصريحات شحاتة يجب عليه التنحي عن نظر جميع القضايا، فإن لم يفعل يجب على رئيس محكمة استئناف القاهرة إعادة تشكيل هذه الدائرة، قائلا إنه من الخطورة بمكان بل مأساة أن يكون أحد فوق القانون في مصر.
فهل نعتبر كلام وزير العدل الأسبق إجراءات يجب أن تتخذ؟.. وإن لم تحدث فسيكون هناك من هو فوق القانون وهذه مأساه علي حد تعبيره.
رئيس محكمة استئناف القاهرة، المستشار فؤاد راشد، قال إنه يشعر بالمرارة لوصف شحاتة لناس بالكلاب، ووصفه لضحايا يناير بالسادة الحرامية،، وقائلا أصبحنا نعيش في عالم «صدق أولا تصدق»، وقال: «أنا مقهور مكمود محزون من آرائك الصادمة، سيادة القاضي - يقصد المستشار ناجي شحاتة - آراؤك خارج المنصة ليس لها أدني نوع من الحماية.
إذا كان المستشار فؤاد راشد مقهور ويقول ياليتني كنت نسياً منسياً.. فما بال المواطنين الذين تم وصفهم بالكلاب والحرامية.. أليست هذه جريمة يعاقب عليها القانون؟.. مجرد سؤال.
المؤيدون لهذا الحوار قالوا:
المستشار عبدالرحمن بهلول عضو مجلس القضاء الأعلى الأسبق أكد أن من حقه - أي القاضي شحاتة - كمواطن مصري تأييد ما يريد، فليس هناك مشكلة في ذلك الأمر، مشددا أن شحاتة لم يرتكب أي مخالفات قانونية خلال تصريحاته.
من كلام سيادة المستشار عبد الرحمن بهلول نفهم أن القاضي له حصانته كقاضٍ وانه كمواطن عادي من حقه أن يبدي آراءه كيفما شاء، إذاً القاضي مواطن عادي إذا قال تصريحات أو أحاديث أثارت الرأي العام وأحدثت «بلبلة» فيه، وإذا انتقده مواطن عادي فهذا ليس مسموحاُ لكونه قاضياً لديه حصانته، إذا من يحمي المواطن العادي من تصريحات قاضٍ في عدد من وسائل الإعلام انتقصت من قدره ؟ .. من أين يأتي المواطن بحصانة تحميه؟
في النهاية القضاء كما قلنا هو بيت العدل، هو ملجأ المواطن - المؤيد و المعارض، المتفق مع القاضي أو المختلف معه - لتطبيق القانون دون هاجس أو خوف من إعلان رأيه، القاضي لا يمكن أن يكون جلاداً، ومنصة القضاء لا يمكن أن تكون أبداً منصة لحماية بعض المخطئين الذين نالوا شرف وتكريم الجلوس عليها فهي السياج الذي يحمي المواطن قبل القاضي.
باسم العدل تبدأ الجلسة .. وباسم الشعب يطبق القانون .. وباسم القانون ننتظر ماذا سيحدث بعد تصريحات المستشار ناجي شحاتة.