الجمهورية
منى نشأت
محاولة .. عودة
جلست أمامنا تلك الشابة. وكنا مجموعة في استراحة بين محاضرتين من مؤتمر عنوانه "تأثير الحالة الاقتصادية علي المجتمع" ولاننا نعيش الآخرين اكثر مما نحيا حياتنا.. بسرعة همست زميلتي.. شايفة البنت بتطلب أكل وشرب وحلو من أين ستدفع ثمنه. وماذا عن افطارها والعشاء.. ودخلت علي الكلام الزميلة الثانية.. لتشير للامضاء المكتوبة علي بلوزة الفتاة ثم البنطلون وهكذا حسبوا لها عشرة آلاف جنيه غير البالطو الملقي خلفها وله ضعف الرقم علي أقل تقدير. واستكمالا لنفس نوعية الحوار أكملن علي المجوهرات. وجاء التعليق الثالث بصوت زميلتنا تخيلوا ربع قرن عمل في هذه المهنة ليل نهار ولا أجرؤ علي شراء خاتم.. وانفجرنا في ضحك متصل.. حين وصلت في الكلام لاننا لانقدم علي دخول هذا الفندق الفخم إلا للندوات فقط.
دقائق مرت.. ووصل رجل تجاوز الستين من عمره.. ملامحه ثم صوته أكدوا أنه من أهل الخليج.. أو كما نقولها نحن.. ثري عربي. أشار للجرسون بإصبعه ووقع علي الفاتورة.. فهو مقيم في الفندق وترك كل ما طلبت هي علي المائدة دون اكتراث بثمنه. ووقف فتبعته واتجها معا إلي الأسانسير.. والطريق للغرفة.
لم يعترضهم أحد من موظفي الأمن.
هل هي زوجة بعقد عرفي.. يتسلي بها وينسي مشاكل أم اولاده في بلده.
غير مشروعة
وهل سيكفي هذه الفتاة الخمسين ألفا التي يطالب بها وزير العدل لمثلها حين يطلقها الزوج لتعيش بها باقي عمرها.. وهي في العشرينيات وهل من العدل أن يعودها علي حياة ترف ثم يلقي بها للشارع لتتحول إلي واحدة من نساء بلا مأوي.. أو انها ستكمل علي نفس الطريق ومن عرفي إلي عرفي إلي ما لا يعلمه إلا الله.
في الجريدة أمامي خبر عن ممثلة تم القبض عليها لممارستها أفعالاً غير مشروعة. وأهم سؤال لماذا.. يخلقنا الله كالصفحة البيضاء.. فماذا دفعها لذلك. انه تماما محور المؤتمر الحالة الاقتصادية.
كانت المرة الأولي التي أري فيها الاحتياج الذي يدفع للانحراف.. في فيلم القاهرة 30 - لم تكن البطلة تجد ما تضعه في فم اخوتها وهي المسئولة الوحيدة عنهم استحلاها البيه فزوجها لموظف عنده ليستحلها. بكت وبكينا عليها.
حكاية انحراف
الانحراف كان حكاية معقدة - وقصة لها أبطال وكومبارس تدوسه الأقدام. ورواية من لاتجد قوت يوم الغالي عندها.. وصار الاحتياج خاتم في الإصبع وجاكيت عليه إمضاء مصممة شهيرة لا أحد يدري من قدم لها بيت أزيائها هو الآخر.. ومقابل ماذا. فسعت في الأرض فسادا.
إنهم يتآمرون علي حياتنا.. لم تعد السيارة مجرد وسيلة انتقال. صار الأهم الماركة بل وسنة الصنع. لا أحد يكتفي بما يملأ معدته بعد إعلانات لا تكف عن الضجيج لأصناف كل يوم لها جديد. حتي شقتنا وصحبة جيراننا لاترضينا لانهم لايكفون عن نشر صور للفيلا والكومباوند.. ويباغتوننا بها في كل مسلسل وفيلم. ومستحضرات التجميل وعملياته.
بالفعل هي مؤامرة علي دنيتنا الحلوة.. ليتنا نعود.. الجيران الطيبون افضل من حارس الكومباوند.. وأكلة ساخنة وسط الأسرة ودعوات بهناء وشفاء اشهي من لحوم فاسدة يقدمونها في المطاعم. وأغلي المقتنيات لا قيمة لها لو نبذنا التباهي بالمال.. وعدنا للفخر بالأخلاق الطيبة.
فالطمع وصل بهم لمزيد من شره.. فيتباري وزير فاسد واعلامي متربح وراقصة منحلة في مباراة نهايتها تخبط وصورتها واضحة أمام العيون.. وأول الحلول رجوع إلي أسرة راضية وابن قانع ولقمة هنية. ودفء اللمة.. الحلوة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف