التحرير
ناصر عراق
من القادم بعد خالد يوسف؟
دنا مني وقد تطايرت من عينيه شرارة الغضب، وصاح: - يا أستاذ... إنهم يريدون تشويه كل من له صلة إيجابية بثورة يناير!

كنت أجلس في مقهاي المعتاد، أتأمل السابلة حينًا، وأطالع الأخبار في الموبايل حينًا آخر. دعوته للجلوس، فتردد قليلا، لكنه استجاب. وجدته شابًّا نحيلًا ذا سمرة غامقة وشعر أسود غزير، يتقي البرودة الطارئة ببلوفر أسود فوق قميص ملوّن. طلب شايًا، وهو ينفخ ساخطًا، فسألته:
- ماذا تقصد بالضبط؟
فأجاب على الفور وبعبارات لاهثة:
- المخرج خالد يوسف... لقد اتهمه الإعلامي إياه بالتحرش وبث صورًا لتشويه صورته الأخلاقية... فهل فعل ذلك من تلقاء نفسه؟ أم أنه مدفوع من أجهزة معينة تكره ثورة يناير ومن يمثلونها، وأقسم لك يا أستاذ، إنني قضيت الـ18 يومًا في ميدان التحرير، وكان خالد يوسف معنا في الميدان فور اندلاع الثورة يشد على أزرنا ويبارك خطوتنا.
تناولت رشفة من الشاي وقلت له:
- يجب أن تعرف أن ثورة يناير أكدت أن الشعوب ممكن أن تصبح أقوى من الأنظمة الديكتاتورية في أوقات معينة، وأنها فضحت نظام مبارك وأطاحت برموزه، لكنها لم تتمكن من الإطاحة بمنطق هذا النظام في الحكم والإدارة، لذا ما إن خبا نور الثورة قليلا حتى أطلق النظام زبانيته ليشوهوا ثورة يناير ورموزها وينعتوها مرة بـ(مؤامرة يناير) ومرة (وكسة يناير) ومرة (نكسة يناير) في إهانة بالغة لملايين المصريين الذين خرجوا طوال 18 يومًا للمطالبة بالعدل والحرية، ومن عجب أن كثيرًا من رموز يناير -ومنها خالد يوسف نفسه- وقفت مع الشعب في ثورة 30 يونيو، لكن ستظل ثورة يناير هي الثورة الأم التي أدرك فيها المصريون قوتهم الجبارة وقدراتهم المذهلة.
- لماذا يكرهون ثورة يناير إذن؟
- إنها المصالح أيها الشاب الطيب... ثورة يناير هي ثورة شعب يحلم بالعدل والحرية بعد 40 سنة قضاها في فقر وحرمان وطغيان، لذا فثورته في يناير هددت مصالح الكبار الذين يحكمونه، فوجب تشويه هذه الثورة ورموزها حتى لا يفكر الشعب مرة أخرى في الانتفاض مطالبًا بحقوقه المسلوبة حتى الآن، ولا تنس أن يناير اقترب، وهناك دعوات للتظاهر في هذا اليوم!
- إذن فتشويه الناس الشرفاء مستمر، وخالد يوسف ليس الأخير!
- طبعًا يا صديقي... رغم أن الدستور يحمي الحياة الشخصية للمواطنين، ومع ذلك علينا الانتباه جيدًا إلى أن الكثير من الثورات في التاريخ أخفق في تحقيق أهدافها وقتلها أصحاب المصالح المضادة للثورة، وثورة يناير واحدة من الثورات المغدورة بكل أسف!
ابتسم بأسى وسألني:
- ترى من القادم في لائحة الذين سيتم تشويههم!
ضحكت وقلت:
- الكثير... قد يكون أنت أو أنا أو أي إنسان يحلم بمجتمع عادل وحر وكريم!
فقطب جبينه منزعجًا واستأذن في الانصراف، فقلت له مودّعًا:
- لا تبتئس!
وتردد في خاطري صوت يهمس (حقا... ما أصعب تحقيق الأحلام النبيلة!).
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف