المساء
أحمد عمر
أصل الكلام فتاة النهر
سرد لنا الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز قصة حادث وطلب من كل منا أن يكتب عنها خبرا بأسلوبه وكنا نحو 20 صحفيا في دورة تدريبية بعنوان "المعايير الدولية للصياغة الصحفية".
حكاية ياسر أبطالها ثلاثة.. شابان وفتاة.. طلب منا أن نحدد أيهم يستحق حكما بالسجن المشدد أو الحبس أو البراءة.. ثلاثة أحكام مختلفة يجب توزيعها علي أبطال الرواية.
قال ياسر في روايته المربكة إن شابا وفتاة قررا الانفصال في لحظة غضب.. لكن بعد لحظات تراجعت الفتاة وهرولت تحاول اللحاق بالشاب فوجدته قد غادر إلي الجانب الآخر من النهر.. طلبت الفتاة من الشاب الثاني الذي يعمل مراكبيا أن يقلها بزورقه ولم يكن معها نقود لكنه وافق بعدما عرضت عليه خاتمها الذهبي.. وفي منتصف النهر راودها عن نفسها وطلب مواقعتها مقابل توصيلها إلي الشاب الأول فرضخت له ونال مأربه منها وأوصلها إلي الجانب الآخر من النهر ثم تركها وعاد من حيث أتي.. قال ياسر إن الفتاة كانت قد حل بها التعب والجوع فنامت علي شاطئ النهر وفي الصباح انطلقت تبحث عمن تريده حتي عثرت عليه.. فرحت الفتاة وألقت بنفسها بين يديه تحكي عما جري لها منذ تركها حتي وجدته فما كان من الشاب إلا أن صفعها وتركها وانصرف.. انتهت رواية ياسر وبدأ المتدربون في كتابتها كل بأسلوبه.. لنكتشف فداحة الأخطاء الموضوعية التي شابت تحرير القصة وكيف نخلط بين الواقع والخيال ونسبغ من مخيلتنا عناصر "مشوقة" علي الرواية لم ترد فيما سمعناه.. ربما بسبب قصور المعلومات التي أتاحها لنا ياسر حول الموضوع.. أو كانت انسانيتنا التي ترتكب الخطأ السرمدي بالخلط بين التفسير والتأويل.. بين اللفظ والمعني.. وهنا يأتي دور وأهمية مدونات السلوك التي تعتمدها وسائل الإعلام المحترمة في محاولتها كسب ثقة المتابعين بتحري أقصي درجات النزاهة والموضوعية.. بداية من الضوابط الأخلاقية كعدم قبول الهدايا واحترام حقوق الطفل والمتهمين إلي معايير مهنية كضرورة اسناد الخبر إلي مصدر وعدم استخدام ألفاظ موحية مثل "أعلن وأكد وادعي".
ونعود إلي الحكاية في قاعة التدريب حيث أنزل بعض الزملاء العقوبة الأقسي وهي هنا السجن المشدد.. علي الفتاة رغم أنها الخاسرة الوحيدة في الرواية وما تعرضت له من سرقة وضرب واغتصاب.
** قضايا المجتمع المهمة تغوص في الأوحال بينما الإعلام الأعلي صوتا هو المشغول بالفضائح والقضايا الهامشية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف