المساء
السيد العزاوى
الكلم الطيب نسمات الهدي والنور مع إشراقة شهر ميلاد المصطفي
نسمات الهدي والنور تظلل الكون بأضوائها مع اشراقة شهر ربيع الأول كل عام حيث ميعاد مولد سيدنا محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم.. هذه المناسبة السعيدة تجعل كل مسلم يستهل يومه علي مدي حياته بشكر الله تعالي علي أن بعث لنا رسولاً من أنفسنا.. عزيز علي قلب كل مؤمن حقاً.. وجعله رحمة مهداة لنا نحن المسلمين ولسائر البشر "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" هذا النبي الأمي هو بحق معلم البشرية الأول. ولا غرو فهو منذ حداثة سنه وأخلاقه وكل تصرفاته تنبيء عن سيد زانه حلم وخلق وإنسانية تتجلي في كل تصرفاته وصدق الشاعر العربي اذ يقول: ولد الهدي فالكائنات ضياء
وفم الزمان تبسم وثناء.
هذا الرسول الأمين صلي الله عليه وسلم تربي في رحاب جده عبدالمطلب عميد بني هاشم تلك القبيلة المعروفة في أم القري شهامة ومروءة وتعهد بسقاية القادمين للبيت الحرام. وقد تعهده جده بالرعاية الشاملة لم تغفل عنه عينه ولو للحظة واحدة.. يتابع كل تحركاته ويسعي لاكسابه كل قيم هذه القبيلة العربية ويحيطه علما بالحرف السائدة في هذه المنطقة من الجزيرة العربية. ومضت الأيام والحفيد يمضي في شوارع مكة والانوار تتلألأ حوله في كل مكان يذهب مع جده إلي حيث مجلسه في جوار الكعبة. عبدالمطلب يشعر بأن حفيده يتمتع بحب وذكاء يفوق كل الأجيال. وكما تقول الأمثال : "إن أعز الأبناء ابن الابن" وأصبح الجد مرتبطاً بعواطف جعلت الحفيد يمتلك كل وجدان هذا الشيخ الكبير. ومن الوقائع التي تؤكد مدي مشاعر الحب التي تربط بين هذا الجد وحفيده. أنه في أحد الأيام توجه إلي مكان جده عبدالمطلب في جوار الكعبة وجلس في مكانه رغم أن أحداً لا يستطيع الجلوس في هذا المكان تقديراً واحتراماً لمكانة عبدالمطلب لدي الشيوخ والشباب من أهل مكة. وعندما حاول البعض ابعاد محمد.. حفيد عبدالمطلب ـ بعيداً عن مكان جلوس الجد رفض عبدالمطلب بصفة قاطعة وقال للجميع بأسلوب لا يقبل المناقشة : دعوه يجلس في المكان الذي جلس فيه. ولم يكتف بذلك وأضاف متنبئاً بمستقبل أكثر اشراقا لحفيده قائلاً : إن ابني هذا سيكون له مستقبل وصدقت نبوءة هذا الجد.. فقد أخذت النجابة ترافق الرسول في مسيرته الأولي في رحاب أم القري.
توالت الأيام.. ومضت السنوات وأدركت عبدالمطلب منية الموت التي لا ينجو منها أي إنسان لكن الرعاية الأسرية لهذا الحفيد لم تتوقف وانما كان هناك ذلك العم القوي والمؤهل لخلافة ابيه انه أبوطالب عم سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم أخذ يرعي ابن أخيه بكل الود والحنان يرافقه في كل تصرفاته وعينه لا تغيب عنه ومحمد صلي الله عليه وسلم مكتسب كل الصفات الطيبة من أهله وعشيرته. يتميز بين أقرانه بصفات لا حصر لها من التفوق والذكاء والاخلاق والتواضع. يعمل معهم في رعي الغنم. يرافق اقرانه في رعي الغنم كشأن أهل مكة الكل يعشق مرافقته في عملية الرعي لأنه يمتلك أخلاقا جعلته يترفع عن كل الصغائر ويمازح أقرانه في هذا العمر بحب ومودة الجميع يصارحه بكل أسراره ويرتبط معه بأقوي الوشائج وصلات المحبة والمودة.
ومن الطرائف والوقائع التي تؤكد مدي صفات هذا الفتي التي تؤكد أنه بشر يعيش فترات حياته كأقرانه. حياة طبيعية بكل معني الكلمة لكن عين الحق تبارك وتعالي تحيطه في كل خطواته. وكواحد من أبناء هذا الزمان جالت بخاطره فكره أن يستمتع كأقرانه بمشاهدة حفل زفاف.. ويعيش لحظات من اللهو والترفيه عن النفس بكل العفة وحىسن التصرف. وفي ود ومحبة يستأذن من رفيقه في رعي الغنم بالصحراء ويخبره بأنه يريد قضاء وقت في هذا الفرح. يستجيب الرفيق وينطلق سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم إلي حيث مكان هذا الفرح لكن بينما هو في الطريق يشعر بميله إلي النوم فيركن إلي جدار يريد قضاء بعض الوقت ثم ينصرف إلي حيث أراد إلا أنه ظل مستغرقا في سباته ولم يستيقظ إلا علي حرارة الشمس التي جعلته يفيق وبذلك لم يستطع الذهاب إلي الفرح الذي كان يريد مشاهدته.
عناية الله ورعايته حفظت هذا الفتي وصانته بعيداً عن مناطق اللهو.. وصدق الشاعر إذ يقول :
اذا العناية لاحظتك عيونها
نم فالمخاوف كلهن أمان
مضت السنوات سريعاً وبلغ الفتي "محمد" بن عبدالله أربعين سنة.. وجاءه الوحي وصدع لأمر ربه فأخذ يبلغ قومه بأنه رسول الله إليهم وإلي الناس كافة لكنهم ناصبوه العداء وتتبعوه وكل آمن برسالته بالايذاء قولا وعملا لكنه ظل صامداً بينما عين عمه عبدالمطلب لم تغفل عنه لحظة وفي يوم من الأيام جاء الي أبي طالب وفد من قبائل مكة يطالبونه بأن ينقل لابن أخيه رغبتهم في أن يكف عنهم في دعوته وأنهم علي استعداد لتلبية كل رغباته ومطالبه بعيداً عن هذه الدعوة لعبادة الله وحده استمع إليهم أبوطالب. ثم انتظر حتي لقي ابن أخيه محمداً. وبكل رحابة الصدر عرض عليه كل المطالب التي عرضها رؤساء قبائل مكة وبعد أن استمع سيد الخلق محمد صلي الله عليه وسلم بكل هدوء ورحابة صدر لكلمات عمه قال قولا حاسماً والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري فلن أترك هذا الأمر حتي يظهر الله أو أهلك دونه عبارات قاطعة بلا تردد أو شك وحينما برزت صفات هذا العم التي تفيض بالقوة والمحبة لابن الأخ حيث قال : والله لن اسلمك إليهم أبداً مهما تكن الأعباء والتكاليف ثم انشد يقول :
ولقد علمت بأن دين محمد
من خير أديان البشرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبة
لوجدتني سمحا بذاك مبينا
حقيقة انها أموار شهر ميلاد المصطفي الذي نحتفي ونحتفل بذكراه قريبا.. انها انوار الهداية التي تظلل مسيرة أمة محمد صلي الله عليه وسلم وسوف نعيش بإذن الله علي مدي أيام شهر ربيع مع السيرة النبوية العطرة نقتبس من أنوارها ونعرض الكثير من جوانبها المشرقة لعلها تجدد شباب هذه الدعوة المحمدية التي سوف تظل علي مدي الأيام طريق الهدي وبناء أجيال قادرة علي العطاء علي أساس من القيم والمباديء التي تعلي قدر الإنسانية وتساهم في بناء حضارة قادرة علي ازالة العقبات والمعوقات تبني ولا تدهر وتدعو للحق بحكمة وموعظة حسنة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف