عباس الطرابيلى
هموم مصرية حوش بردق.. أم كلوت بك؟
انتظرت إجراءً قضائياً عاجلاً .. بعد غياب إداري «رسمي» من الدولة رداً علي ما يعيشه الإعلام التليفزيوني الآن من تدنٍ - لم تعرفه مصر من قبل -وما واقعة ما اذاعته احدي القنوات عما ادعته عن صور لواقعة ادعت أن فيها المخرج السينمائى خالد يوسف.
أقول انتظرت.. ولكنني استعدت سريعاً بيت الشعر المشهور في التاريخ الشعري العظيم:
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً.. أبشر بطول سلامة يا مربع!!
فما جري هزل لا يقبله مجتمع يريد - ويصر - علي أن يبني نفسه، وكفي ما ضاع قبل 25 يناير.. أو ما ضاع بعد 25 يناير، وما أكثر ما ضاع في الحالتين.. ولكن علي المجتمع أن يدفع الثمن غالياً، من شرفه ومن سلوكياته، ومن تقاليده التي لم أكن أستطيع أن أرفع عيني في عين أي سيدة، أو فتاة.
<< ولكن أن يصل الأمر إلي حد الابتذال، والتراشق بالكلمات والتعبيرات الخارجة، والتهديد بكشف الأسرار بين عدد من القنوات فهذا هو المرفوض، بل المرفوض أصلاً - قبل ذلك وليس بعده - أن نسمع من يقول بحرية الاعلام التليفزيوني.. ومن لا يعجبه عليه أن يدير القناة إلي قناة أخري.. لأ يا حبيبي أنت وهو.
والمؤلم الآن هو غياب «كبير» يستطيع أن يخرج عن صمته وأن يكشر عن أنيابه ويورينا العين الحمراء، ويصرخ وهو يلوح بالعصا: بس يا ولد انت وهو.. وفعلاً كل من يرتكب هذه الأمور الشنيعة وغيرها هو - وهم - «عيال إعلام» لم يجدوا والداً في البيت يربي.. أو كبيراً يردع.. فما هو الحل؟!
<< هنا أستعيد أشهر مواقع الفساد التي عرفتها بلادنا في أيام الانحطاط الأخلاقي وبالذات في عصر الحربين العالميتين الأولي والثانية، أي بين 1914 - 1918 ثم بين 1939 و1945.
كنا نسمع - ويعيش بعضنا - عصر الحواري وخناقات العوالم وملكات الليل.. والخلاف علي الزبائن ومن يستطيع أن يقدم مغريات أكثر للزبون..وكانت أشهر مناطق القاهرة: منطقة كلوت بك والحواري والأزقة المتفرعة منها من عند صيدناوي في العتبة والأزبكية إلي ميدان باب الحديد، رمسيس حالياً.. ومنطقة الحوض المرصود وكان بها أكبر مستشفي - أو عيادة - للأمراض التناسلية، وكان يستقبل ليس فقط مرضي الامراض الجنسية.. ولكن أيضاً ممن يزاولن مهنة الدعارة.. ويتم الفحص دورياً وتحصل الواحدة منهن علي ترخيص رسمي بمزاولة المهنة، عندما كان مسموحاً بمزاولتها في مصر إلي أن نجانا الله منها - رسمياً - عام 1949..
<< والمنطقة الثالثة هي منطقة حوش بردق حيث تتشاجر بنات البلد «الشلق»، عمال علي بطال.. وكل واحدة تفرش «الملاية اللف» للأخري وهات يا ضرب وتقطيع هدوم وشعر راس، وكشف ما يفترض أنه مستور.. وكان أطفال الحي يستمتعون فعلاً بمشاهدة مشاجرات «وعُلَقْ» سيدات حوش بردق..
وكان إذا أراد أحد الناس الاستهانة بأي شخص أو يتهمه بالفتونة وليس الجدعنة.. كان يصفه بأنه من حوش بردق.. أو يتهم هذه السيدة بأنها من عاهرات شارع كلوت بك، أو بنات الحوض المرصود.. وكانت هذه وتلك تهمة يتم بموجبها المعاقبة بجنحة السب والقذف.. أو بالجناية إذا نتج عن المعركة جروجا وإصابات وعاهات..
<< فهل نحن الآن «إعلامياً» وصلنا إلي حوش بردق.. أو إلي الحوض المرصود.. أنا نفسي أري ما يحدث أننا وصلنا به إلي شارع وحواري كلوت بك.. فهل من حل؟!
وهل الصمت الرسمي الآن - والذي نراه منذ فترة - صمت متعمد حتي تشتعل الأمور.. وتلتهب.. فلا تجد الدولة إلا أن تتدخل وبسرعة، لحماية الأخلاق العامة.. وحرمة الاشخاص وحريتهم..
<< أم هو فخ تنصبه جهة ما لتسحب إليه كل هؤلاء الخارجين علي قانون الأخلاق والعابثين بأي قانون للأخلاق.. أنا نفسي أري ما يجري - هو ذلك بالضبط - أي أن الدولة تترك الإعلام ليلف حبل الإعدام حول رقبته.. ووقتها لن نجد أحداً يدافع عن جرائم هؤلاء، وجنت علي نفسها «براقش»..